ما حكم الدعاء لجميع المسلمين بالفردوس؟
ما حكم الدعاء لجميع المسلمين بالفردوس؟
السؤال: 405289
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
سبق في جواب السؤال رقم: (140798) جواز الدعاء لجميع المسلمين بالمغفرة، وذكرنا أدلة ذلك من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم.
وقد علق ابن الشاط على كلام القرافي في المنع من ذلك بقوله : "وما قاله من أن الدعاء بهذه الأدعية ونحوها معصية: مجرد دعوى ، ومن أين يلزم أن لا يدعى إلا بما يجوز وقوعه ؟ لا أعرف لذلك وجها ولا دليلا .
وما المانع من أن يكلف الله خلقه أن يطلبوا منه المغفرة لذنوب كل واحد من المؤمنين مع أنه قد قضى بأن منهم من لا يغفر له؟
ومن أين يلزم المنافاة بين طلب المغفرة ووجوب نقيضها؟
هذا أمر لا أعرف له وجها إلا مجرد التحكم بمحض التوهم ، وما قاله من أنه لا عموم في قوله تعالى : (فاغفر للذين تابوا) وقوله تعالى : (ويستغفرون لمن في الأرض)، لكونها أفعالا في سياق الثبوت؛ خطأ فاحش ، لأنه التفت إلى الأفعال دون ما بعدها من معمولاتها ، والمعمولات في الآيتين لَفْظَا عموم ، وبالجملة فقد كلف هذا الإنسان نفسه شططا ، وادعى دعوى لا دليل عليها ، ولا حاجة إليها ، وَهْمًا منه" انتهى من "حاشية الفروق" (4/463- 465) .
ثانيا :
أما الدعاء بالفردوس الأعلى ، فقد حث على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ) رواه البخاري (7423) .
والفردوس هو أعلى درجات الجنة ، وهو نفسه مقسم إلى درجات ، أعلاها : الوسيلة ، وهي درجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال المناوي رحمه الله :
"(إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة ، وأعلا الجنة -أي : في الارتفاع- وفوقه عرش الرحمن) واستشكل بخبر أحمد عن أبي هريرة مرفوعا : (إذا صليتم عليَّ فاسألوا الله لي الوسيلة، قيل: يا رسول الله، وما الوسيلة؟ قال: أعلى درجة في الجنة، لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو) … فقضيته أن الوسيلة أعلى درجات الجنة وهي خاصة به ، فهي أعلى الفردوس ، وجُمع بأن الفردوس أعلى الجنة ، وفيه درجات ، أعلاها الوسيلة ، ولا مانع من انقسام الدرجة الواحدة إلى درجات بعضها أعلى من بعض" انتهى من "فيض القدير" (1/368) .
ولا شك أن الناس كلهم لو دعوا بالفردوس الأعلى، كما ندبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، لكانوا فعلوا أمرا حسنا مشروعا، بل مندوبا إليه .
ولا فرق بين أن يدعو كل واحد لنفسه بذلك، أو أن يدعو لنفسه وللمؤمنين جميعا.
فالدعاء لعموم المسلمين بالفردوس الأعلى داخل في الحديث السابق ، ولم يدل دليل على منعه ، فيكون مشروعا .
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : هل قول الداعي : اللهم إني أسالك الفردوس الأعلى من الجنة لي ولذريتي ولجميع المسلمين من الاعتداء في الدعاء ؟
فأجاب :
"هذا ورد به الدليل -وذكر الحديث المتقدم- ، نسأل الله الفردوس الأعلى ، قال الله تعالى : (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) المؤمنون/10، 11.
نسأل الله ذلك .
والله لا يتعاظمه شيء أعطاه سبحانه وتعالى .
السائل : وهل يجوز أن يدعو بهذا للمسلمين كلهم ؟
قال الشيخ : نعم ، هذا طيب ، هو وإخوانه المسلمين" انتهى .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة