حكم بيع أرقام هواتف وسيارات مميزة بأسعار باهظة
السؤال: 40752
ما هو الحكم في : شراء وبيع الأرقام ( أرقام الهواتف والسيارات ) ، وإذا اشترى أحدهم رقم لوحة سيارة ثم باعه فهل هذا المال حلال ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ينبغي لكل مسلم أن يعلم : أن الله تعالى نهى عن الإسراف والتبذير
، وهما مجاوزة الحد في إنفاق الأموال .
قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا
يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
وقال تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ
وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا
إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا )
الإسراء/26 ، 27 .
وليعلم كل مسلم أنه لن تزول قدمه إلى جنة ولا إلى نار حتى يسأله
الله تعالى عن أشياء ، ومنها : عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه ما فعل
فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه ) . رواه
الترمذي ( 2417 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه الشيخ الألباني في ” صحيح الترغيب
والترهيب ” ( 126 ) .
وليُعلم بعد هذا : أن شراء أرقام هواتف الجوالات والسيارات
المميزة بآلاف الدنانير والريالات نوع من الإسراف أو التبذير أومن الإنفاق في
الحرام ، وأن الله تعالى سائل كل واحد من هؤلاء عن ماله هذا الذي أنفقه في مثل هذه
المجالات .
وبخاصة أننا نرى المسلمين في أكثر بقاع الأرض في بأس وضنك في
حياتهم ومعيشتهم ، وأن بعضهم لا يجد لقمة يسد بها جوعه ، وآخرين لا يجدون لباساً
يواري سوآتهم ، وآخرين لا يجدون سكناً يؤويهم ، بل قد هدِّمت بيوت بعضهم فوق رؤوسهم
.
وفي هذا الوقت العصيب نجد من المسلمين من اشترى لوحة سيارة تحمل
الرقم ( 1 ) بما يعادل (2.18 مليون دولاراً ) ! وذلك في مزاد علني .
وفي المزاد نفسه بيعت اللوحة التي تحمل رقم 2 بما يعادل ( 1.11 )
مليون دولاراً !
وقال منظمو المزاد : إن حصيلة المزاد في اليوم الأول بلغت نحو (
3.9 ) ملايين دولاراً !
وهكذا الأمر بالنسبة لأرقام الجوالات والتي بيع رقم منها بما
يعادل ( 360 ألف دولاراً ) !
وقد انتشرت هذه الحمى في بلدان متعددة كان الأولى أن ينتشر فيه
مساعدة المسلمين وحفظ الأموال من السفه والإسراف والتبذير .
والملاحظ أن الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا الشراء أمور منكرة
كالكبر والتعالي والتفاخر على غيرهم ، ” ومن أبرز التعليقات التي قيلت حول هذا
الموضع ما نشرته إحدى الصحف عن عريس تقدم يطلب يد إحدى الفتيات للزواج ويقول العريس
لوالد الفتاة : ” ما تحتاج تسأل عني شوف رقم سيارتي تعرفني ” .
” ومن الملاحظ أن سعر الرقم المتميز يبلغ ضعف ثمن سيارة ”
رولزرويس ” التي يتراوح سعرها في الإمارات بين مليون ومليون ونصف المليون درهم ،
كما أنه ربما يبلغ خمسة أضعاف ثمن سيارة فخمة مثل ” المرسيدس ” ، أو عشرة أضعاف سعر
سيارة شهيرة مثل ” اللكزس ” التي يفضلها الأثرياء ” .
واعلم بعد هذا كم يمكن أن يُشترى من طعام وشراب ولباس بل وسيارات
وهواتف لمن يحتاجها ؟ وكم شاب يمكن أن تعفه بالزواج ؟ وكم من سجين يمكن أن تطلِق
سراحه بدينٍ سجن به ؟ وكم من تائه عن الصراط ومنحرف يمكن أن ترجعه إلى الصراط
المستقيم فيما لو اشتري بها كتب أو وزعت بها أشرطة دينية ؟
الرقم المتميز لا يعني تميز صاحبه أو يعتبر تميزاً له بالسذاجة
والاهتمام بتوافه الأمور ، والرقم المتميز ليس هو تقنية – كما في السيارات نفسها –
يبحث عنها الإنسان لما فيها من راحة أو سرعة أو أمان ، والرقم المتميز ليس هو تمتع
بالنظر إليه – كبعض الطيور – بل هو تعالٍ وتفاخر وتبذير للأموال .
ولو كان الرقم المميز في رقم هاتف لشركة تجارية – مثلاً – أو
دائرة مهمة يحتاجها الناس أو ما شابه ذلك لكان لشرائه وجه على أن لا يبلغ سعره ما
ذكرناه .
وشراء الرقم المتميز يشبه إلى حد بعيد ما جاء النهي عنه من لبس
ثوب الشهرة .
” من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله – وفي لفظ :
” ثوب مذلة ” – ” زاد بعض الرواة :
” ثم تلهب فيه النار ” . رواه أبو داود ( 4029 ) وابن
ماجه ( 3607 ) .
قال ابن القيم :
هذا لأنه قصد به الاختيال والفخر ، فعاقبه الله بنقيض ذلك ،
فأذله ، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم
القيامة . ” زاد المعاد ” ( 1 / 145 ، 146 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتكره الشهرة من الثياب ، وهو المترفع الخارج عن العادة ،
والمتخفض الخارج عن العادة ؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين : المترفع والمتخفض ،
وفى الحديث ” من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة ” ، وخيار الأمور أوساطها .
” مجموع الفتاوى ” ( 22 / 138 ) .
والخلاصة : أنه لا يجوز بيع وشراء هذه الأرقام المميزة ، ولو جاز
لبعض الناس ما جاز لهم أن يبذلوا فيها هذه الأموال الطائلة .
والواجب على من وهبه الله المال أن يشكر هذه النعمة ويحافظ عليه
، وأن لا ينفقه فيما يبغض الله تعالى أو فيما لا طائل وراءه ، وليعلم أنه مسئول عن
هذا المال يوم القيامة : من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
والله الموفق .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟