0 / 0
1,45212/04/2023

إذا قال: ( هذه الأرض عادي أتصدق بها وأجعلها مسجدا)، هل تصير وقفا بذلك؟

السؤال: 408539

اشتريت أرضا، وكان سبب شرائي للأرض أن أبني بها منزلا لي ولأولادي، وبعد سنة من تاريخ شراء الأرض خطرت على ذهني فجأة فكرة وهي التصدق بالأرض، ثم قلت بلساني: والله عادي أتصدق بها، وأجعلها مسجدا، وقلت: ولكن يوجد مسجد بجانب أرضي، ثم شعرت بالخوف من قولي، خفت أن أرضي يمكن أن تخرج من ملكي بهذا الكلام، فقلت بسرعة: لن أتصدق بأرضي، وإنما سأبني فيها منزلا لي ولأولادي، أنا الآن خائف على أرضي، وأريدها لي شخصيآ، والسؤال: هل الأرض الآن خرجت عن ملكي؟ وهل يمكنني أن أتراجع عن قولي: “عادي أتصدق بالأرض، وأجعلها مسجدا”؟
علماً أنني أريد أرضي وبقوة لي ولأولادي ولزوجتي، وأريد أن ابني بها منزلا، وأعيش فيها طوال حياتي ـ إن شاء الله تعالى ـ، ولا أريد أن أتصدق بها.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا قال الإنسان: هذه الأرض وقفتها أو حبستها أو سبّلتها، صارت وقفا بمجرد القول؛ لأن هذه ألفاظ صريحة في الوقف، وكذا لو أتى بلفظ من ألفاظ الكناية مقرونا بالنية، أو مقرونا بحكم الوقف، كأن قال: حرمتها أو أبدتها أو تصدقت بها صدقةً لا تباع، أو لا توهب، أو لا تورث.

قال في “منار السبيل” (2/4): “يحصل بأحد أمرين: بالفعل، مع دليل يدل عليه: كأن يبني بنياناً على هيئة المسجد، ويأذن إذناً عاماً بالصلاة فيه، أو يجعل أرضه مقبرة، ويأذن إذناً عاماً بالدفن فيها، أو سقاية ويشرعها لهم، ويأذن في دخولها، لأن العرف جار بذلك، وفيه دلالة على الوقف، فجاز أن يثبت به كالقول، وجرى مجرى من قدم طعاماً لضيفانه، أو نثر نثاراً. قاله في الكافي.

وبالقول، وله صريح وكناية، فصريحه: وقفت وحبست وسبلت؛ متى وقف بواحدة منها صار وقفاً، لأنه ثبت لها عرف الاستعمال، وعرف الشرع، بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر: “إن شئت حبست أصلها وسبلت ثمرتها”، فصارت كلفظ الطلاق.

وإضافة التحبيس إلى الأصل والتسبيل إلى الثمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى، فإن الثمرة أيضاً محبسة على ما شُرِط صرفها إليه.

وكنايته: تصدقت، وحرمت، وأبَّدتُّ؛ فليست صريحة لأنها مشتركة بين الوقف وغيره من الصدقات والتحريمات؛ “فلا بد فيها من نية الوقف”؛ فمن نوى بها الوقف لزمه حكماً، لأنها بالنية صارت ظاهرة فيه.

ما لم يقل: على قبيلة كذا، أو طائفة كذا، أو يقرن الكناية بحكم الوقف، كقوله: تصدقت به صدقةً لا تباع، أو لا توهب، أو لا تورث، لأن ذلك كله لا يستعمل في غير الوقف” انتهى.

ويشترط في القول أن يكون على سبيل الإنشاء، وإرادة الوقف.

فإن قال ذلك على سبيل الإخبار والتفكر، وأنه يفكر أن يجعلها مسجدا، أو لا مانع عنده لو جعلها مسجدا، أو يمكن أن يجعلها مسجدا؛ فإنه لا تكون مسجدا بذلك، وهي باقية على ملكه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “فهذه ثلاث كلمات: وقفت، وحبست، وسبلت، وما اشتق منها فهو مثلها، فلو قال: هذه أرض مُوَقَّفة، أو موقوفة، أو محبسة، أو مسبّلة فهي صريحة.

ولو قال: سأحبِّس: لم ينعقد الوقف؛ لأن هذا خبر وليس إنشاء، والعقود إنشاء وإن كانت صيغتها صيغة الخبر، وقوله: أنا مسبل، أو أنا موقف، أو أنا محبس، كل هذا صريح في الوقف، ولا يشترط اجتماع هذه الكلمات، بل إذا قال كلمة واحدة منها صار وقفاً” انتهى من “الشرح الممتع” (11/11).

فقولك: ” والله عادي أتصدق بها وأجعلها مسجدا”: لا يجعل الأرض وقفا، لأنه مجرد تفكير، وليس إنشاء جازما.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android