تم الاتفاق على بيع عقار ـ أصحابه ورثة ـ من قبل الأخ الأكبر بمبلغ معين، وتم توقيع العقد، ولكن لم يتم أخذ أي مبلغ، أو عربون، وبسبب خلاف بين الورثة على القيمة المعنوية لهذا العقار تم التراجع عن البيعفي اليوم التالي، وإخبار المشتري بهذا الأمر، ووقع خلاف مع المشتري لهذا السبب، فماذا يترتب على البائع من وجهة نظر الشرع؟
ما حكم التراجع عن البيع بعد توقيع العقد وقبل القبض؟
السؤال: 409995
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا تم عقد البيع بالإيجاب والقبول، وتفرق المتبايعان عن المجلس فقد وجب البيع، ولم يكن لأحدهما الرجوع، إلا إذا كان بينهما خيار الشرط، أو وجد ما يعطي الخيار لأحدهما كالعيب، أو الغبن الفاحش، فإذا لم يوجد شيء من ذلك فالبيع لازم، ولا يُفسخ إلا برضا الطرف الآخر.
روى البخاري (2112)، ومسلم (1531) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكِ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: “هذا الحديث دليل لثبوت خيار المجلس لكل واحد من المتبايعين بعد انعقاد البيع، حتى يتفرقا من ذلك المجلس بأبدانهما، وبهذا قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وممن قال به علي بن أبى طالب وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وأبو برزة الأسلمي وطاوس وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح القاضي والحسن البصرى والشعبي والزهري والأوزاعى وابن أبى ذئب وسفيان بن عيينة والشافعى وابن المبارك وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وأبو عبيد والبخاري وسائر المحدثين وآخرون.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يثبت خيار المجلس، بل يلزم البيع بنفس الإيجاب والقبول، وبه قال ربيعة، وحكي عن النخعي، وهو رواية عن الثوري.
وهذه الأحاديث الصحيحة ترد على هؤلاء وليس لهم عنها جواب صحيح، والصواب ثبوته كما قاله الجمهور والله أعلم…
ومعنى (أو يخير أحدهما الآخر) أن يقول له: اختر إمضاء البيع، فإذا اختار وجب البيع، أي: لزم وانبرم” انتهى.
فالبيع لازم بالعقد والتفرق، سواء دفع المشتري عربونا أو لم يدفع، وسواء دفع الثمن، أو كان مؤجلا.
ويحرم على البائع امتناعه عن تسليم العقار، ويكون في حكم الغاصب؛ لأن العقار قد خرج عن ملكه.
والسبيل أمامه هو دعوة المشتري للإقالة أي فسخ البيع برضاه، ويستحب للمشتري قبول ذلك؛ لما روى أبو داود (3460)، وابن ماجه (2199) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
ويجوز للمشتري أن يطلب مالا مقابل فسخ العقد .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب