متزوج منذ أربعة سنوات، تبين عقمي بعد الزواج، رضيت زوجتي بالاستمرار معي، أردنا كفالة مجهول النسب من دار الأيتام بالمعايير الشرعية، والرضاعة الطبيعية منها باستدرار اللبن، أو من أختها، وافقت والدتي وأختي، ثم بعد فترة اعترضوا بعد تحريض من إخواني الذين رفضوا الفكرة، وهددوا بمقاطعتي مدى الحياة، وتدخلوا في حياتي، وأمروني بتطبيق زوجتي مع أن العقم من جانبي،
السؤال:
هل تجوز مخالفة الوالدة والإخوان في الأمور الخاصة؟ وأيهما أرجح في إحضار طفل مجهول النسب وكفالته، مصلحة الأجر والمؤانسة، أم مفسدة الخصام والمقاطعة، مع أن الخصام من طرفهم؟ وهل المفسدة معتبرة في الشرع؟
مع العلم ابي متوفي، ولي منزل خاص، ومتدين، وأحفظ من القرآن 15 جزءً، وأحب العلم، وسمعتي طيبة في المجتمع.
هل يلزم طاعة الوالدين في عدم كفالة اللقيط؟
السؤال: 411020
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
كفالة اليتيم عمل صالح يثاب عليه المرء الثواب العظيم الذي هو مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى البخاري (5304) عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا) وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا”.
ورواه مسلم (2983) من حديث أبي هريرة.
واللقيط في حكم اليتيم، بل هو أشد حاجة من اليتيم لفقدانه الأم وسائر الأقارب.
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :”نظراً لتقدم كثير من الأسَر لمكتبنا بطلب احتضان الأطفال من دار الحضانة الاجتماعية بالدمام ، وعند تعريفهم بوضعهم الاجتماعي ( بأنهم مجهولو النسب ) يتردد الكثير منهم خوفاً من أنهم لا ينطبق عليهم الأجر المترتب على تربية اليتيم الذي حث عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، عليه نرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح نظرة الإسلام لهذه الفئة مع إفادتنا بفتوى شرعية تبين الأجر المترتب على تربيتهم لنشر هذه الفتوى بين الناس حتى يقبلوا على احتضانهم واحتوائهم وإحاطتهم بالانتماء الأسري المفقود عندهم .
فأجابوا:
” مجهولو النسب: في حكم اليتيم ؛ لفقدهم لوالديهم ، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب ؛ لعدم معرفة قريب لهم يلجئون إليه عند الضرورة .
وعلى ذلك : فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب : فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا).
لكن يجب على مَن كفل مثل هؤلاء الأطفال أن لا ينسبهم إليه ، أو يضيفهم معه في بطاقة العائلة ؛ لما يترتب على ذلك من ضياع الأنساب والحقوق ، ولارتكاب ما حرَّم الله ، وأن يُعرِّف من يكفلهم أنهم بعد أن يبلغوا سن الرشد ، فإنهم أجانب منه كبقية الناس، لا يحل الخلوة بهم أو نظر المرأة للرجل أو الرجل للمرأة منهم ، إلا إن وجد رضاع محرِّم للمكفول ، فإنه يكون محرماً لمن أرضعته ، ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم بالنسب .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (14/255).
ثانيا:
لا يظهر لنا وجه لاعتراض إخوتك على هذه الكفالة ؛ فضلا عن تهديدهم بالمقاطعة ، فهذا بغي وتدخل في أمر خاص لا يعنيهم ، ما دام أن اللقيط سيرضع من امرأتك ، ويكون محرما لأمك وأخواتك.
ولا يلزم طاعة الأم في ترك هذه الكفالة؛ لأن الطاعة إنما تجب فيما فيه منفعة للأم وعدم مضرة على الابن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ [أي على الابن] ” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (5/381).
ولا يلزم طاعة الأب أو الأم في تطليق الزوجة.
وينظر: جواب السؤال رقم: (47040).
وينبغي إذا مضيت في أمر الكفالة ، أن تبين لوالدتك فضل ذلك، وحاجتك للأنس بالولد، وأن تسعى لإرضائها بما تستطيع.
ثالثا:
أما الموازنة بين كفالة اللقيط ، وبين تحمل هجران الإخوة لو تبين إصرارهم على ذلك، فالمرجع في تقدير ذلك إليك أنت.
لكن، وبكل حال: ينبغي أن تسعى أولا لمعرفة أسباب هذا الموقف من إخوتك، وإزالة شبهتهم إن وجدت، وتوسيط من يتدخل لنصحهم، وبيان أنك لا تنوي مخالفة الشرع في ذلك، لا بنسبته إليك، ولا بإعطائه من الميراث ما لا يحق له ، ونحو ذلك.
فإن تبين إصرارهم على موقفهم ، ورغبت في ذلك: فلا نرى بأسا من أن تكفل اللقيط، وتصل إخوانك بما استطعت من زيارة واتصال ونحوه، فإن قاطعوك فالإثم عليهم.
وإنما قلنا ذلك لأمرين:
الأول: أنه إذا ثبت أنك عقيم، وكان لك شوق للولد، فهذه مصلحة معتبرة يدعهما الأصل في حرية الإنسان في تصرفه المباح.
الثاني: أن دعوة إخوانك لك لتطليق زوجتك ، مع علمهم أن العيب منك، يرشح أنهم ليسوا على درجة من الرشد والنزاهة، ومن كان كذلك لا تترك الحاجة والمصلحة لأجله، ولعله إذا يئسوا من التأثير عليك، عادوا إلى رشدهم وصوابهم.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة