عندما كنت رضيعا قام أبي بالتعاون مع أخواي بشراء قطعة أرض، وعندما كبرت قام أبي بتقسيمها على الذكور، والبنات أعطاهم شقة في العمارة، فقمت بسؤال إخوتي البنات والذكور إن كانوا يسمحون لي، فإن أبي يريد إعطائي قطعة أرض هبة، فقالو: إنهم غير معارضين، وإنهم يسمحون لي، فباشرت ببناء هذه القطعة بمالي الخاص، وسكنت فيها مع زوجتي وأولادي، وفي أحد الأيام طلبت أمي من أخي الكبير أن يعطيها قطعته؛ لبناء منزل فيها، فرفض، وخرج غاضبا، مع العلم إن أخي لديه فيلا، وشقق في العمارة، ومحلات، وقطعة أرض، فسألتني أمي هل نستطيع أن نقوم ببناء بيت فوق بيتك، يعني فوق طابقك؟ وبدون تردد قلت لها: تفضلي يا أمي، فطلبت أمي من أخي الأكبر المباشرة في البناء بماله الخاص، وعندما تتيسر الأمور يرجعون له ماله، فقبل، وبعد مرور سنة طلب منهم أخي الاكبر بيع شقة البنات، وإعطاءه ماله، فقبلوا، لكن هنا رفضت أنا، وقلت لهم: إنها شقة البنات، فقالوا لي: إن شقة البنات هي التي في طابقك العلوي، وسنقوم بكتابتها لهن، فرفضت، وجاءوا كلهم ضدي، فقمت ببيع سيارتي، وذهبت لأخي، وقلت له: خذ هذا المال، إنها تكلفة بناء منزل أمي، لكن اترك شقة البنات للبنات، وكأنني أنا من بنيت لأمي، وأسكنتها عندي، فقام أخي بالرفض، وذهب شاكيا لوالدي، فانقلبت الأمور، وكثرت المشاكل، وأصبح الأمر لا يطاق، ووضعوني في أمر واقع، وهددوني إنني إن رفضت فستغضب مني أمي، ولن ترضى علي، فقلت: لإخوتي إن كل من سكت عن الحق فهو خصمي يوم القيامة، فماذا أفعل؟
سمح لأمه أن تبني فوقه، وتريد أن تكتب البناء لأخواته مقابل سداد دين عليها
السؤال: 417743
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا حرج في تخصيصك بقطعة أرض من دون إخوتك، إذا كان ذلك برضى الإخوة جميعهم، ذكورهم وإناثهم، وكانوا بالغين راشدين، وتصبح الأرض ملكا لك، لا ينازعك فيها أحد.
ثانيا:
سماحك لوالدتك أن تبني فوق بنائك، لا حرج فيه، وهو هبة منك لا يحل لك الرجوع فيها؛ لما روى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) والحديث صححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وتملك والدتك ما بنت، والأصل أنها تملكه دون حصة من الأرض، إلا إذا وهبتها ذلك.
ثالثا:
إذا تقرر أن الوالدة تملك شقتها، فإنه ليس لها أن تهبها لبناتها إلا بموافقة جميع الورثة؛ لأن الأم مأمورة بالعدل في الهبة كالأب، وينظر: جواب السؤال رقم: (67652).
فلك الحق أن تعترض على هبة والدتك الشقة للبنات، وأن تطالب بالعدل.
لكن لو أن والدتك أصرت على ذلك؛ فإنك لا تملك منعها، وهي تتصرف في شقتها التي تملكها، وغاية الأمر أنك تنصحها بالعدل في الهبة.
وإذا لم يكن الأمر هبة للبنات، وكان للبنات شقة أخرى، سيبعنها لتسدد الوالدة لأخيك ما أخذت منه، في مقابل أن يأخذن شقة والدتهن، فهذا يعتبر بيعا من والدتك لهن، وليس هبة، لكن لك أن تطالب بحق الشفعة، فتمنع البيع، وتشتري أنت الشقة.
والجار له حق الشفعة عند بعض أهل العلم، كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو رواية عن أحمد- اختارها جماعة من العلماء- فيما إذا اشترك الجيران في حق مشترك، كمدخل العمارة وسلّمها.
ومستند الشفعة هنا: ما روى أحمد (14253)، وأبو داود (3518)، والترمذي (1369)، وابن ماجه (2494) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ؛ يُنْتَظَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا) .
والحديث صححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
والحاصل:
أن لك الاعتراض على جعل هذه الشقة لأخواتك، من جهتين:
الأول: من جهة الهبة، لو كانت الوالدة ستعطيهم الشقة هبة.
الثاني: من جهة حقك في الشفعة إذا كانت الوالدة ستبيع لهن الشقة.
والنصحية للجميع أن يراعوا حق الوالدين والرحم.
ونسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم وأن يقيكم نزغات الشيطان.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة