عندي عامل، يعمل لدي منذ سنتين في مطبعة أقمشة، منذ شهرين أصبح مشوش الأفكار، وفي يوم أفسد عملا بقيمة 200$، وترك العمل، وذهب لوحده، واتصل بي، وقال: إنني أتحمل المسؤلية، وذلك برسالة صوتية، فقلت له: تعال، وخذ باقي راتبك، ولما أتى قال: أريد كامل راتبي، أو سأشتكي إلى المحكمة، فذهب وقدم شكوي، وقال: أريد 20000 ليرة تركية تعويضا لي، أو أتابع القضية في المحكمة، وأخذ المبلغ عنوة ، وأنا لا أريد محاكما، فهل هذا حق له في الشرع والدين؟
إذا ترك الموظف العمل بنفسه فهل يحق له ذلك، وهل له طلب تعويض؟
السؤال: 421095
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
عقد الإجارة عقد لازم، فلا يفسخ إلا برضى الطرفين، فإن كانت الإجارة مشاهرة، لزمت إلى نهاية الشهر، وإن كان العقد سنة أو سنتين، لزم البقاء إلى نهاية المدة، فليس للعامل ترك العمل قبلها، وليس لرب العمل أن يخرجه من العمل قبل المدة، فإن فعل لزمه دفع أجرته إلى نهاية مدته. وينظر: جواب السؤال رقم: (358265)، ورقم: (144577).
ويستثنى من ذلك أمران:
1-إذا كان العقد يتيح للموظف ترك العمل، إذا أشعر جهة العمل بذلك في مدة معينة، كثلاثة أشهر، فلا حرج حينئذ على الموظف أن يترك العمل قبل نهاية عقده، ودون رضى الشركة، إذا أشعرها بالاستقالة في الموعد المحدد.
وكذلك إذا كان العقد يتيح مثل هذا لرب العمل.
وفي هذه الحال، تكون المدة اللازمة بالعقد، هي هذه المدة المذكورة "ثلاثة أشهر".
2-فسخ الإجارة للأعذار الطارئة عند بعض الفقهاء، كما لو أُغلق المحل أو المصنع مثلا، أو اضطر العامل لترك البلد.
وينظر: جواب السؤال رقم: (334215).
ثانيا:
إذا ترك الموظف العمل أثناء الشهر استحق من الراتب بقدر الأيام التي عملها فقط.
جاء في "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (1/4589): " أما الأجير الذي يسلم نفسه بعض المدة، فيستحق من الأجرة ما يلحق ذلك البعض من الأجرة. (انظر المادة 470).
مثال ذلك: كما لو آجر إنسان نفسه من آخر ليخدمه سنة على أجر معين، فخدمه ستة أشهر، ثم ترك خدمته وسافر إلى بلاد أخرى، ثم عاد بعد تمام السنة وطلب من مخدومه أجر ستة الأشهر التي خدمه فيها؛ فله ذلك، وليس لمخدومه أن يمنعه منها بحجة أنه لم يقض المدة التي استأجره ليخدمه فيها" انتهى.
وعليه ؛ فهذا العامل الذي ترك العمل، أخل بالعقد وأساء، ويلزمه أن يتم العقد إلى نهاية مدته، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
ويستحق من الراتب بقدر الأيام التي عملها من الشهر.
ولا حق له في تعويض، ولا في راتب بقية الشهر، فضلا عن بقية مدة العقد.
ولو أخذ شيئا لا يحق له عن طريق القضاء، كان محرما عليه؛ لأن حكم الحاكم لا يحل الحرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ رواه البخاري (6967)، ومسلم (1713).
ولعلك تجد من ينصحه ويبين له عاقبة الظلم، وعاقبة أكل الحرام.
وينظر فيما أتلفه العامل: جواب السؤال رقم: (84956).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة