أريد أن أعرف ما هو حكم إطالة الدعاء قبل التسليم؛ أي أثناء التشهد الأخير؟
ما حكم إطالة الدعاء في الصلاة قبل التسليم ؟
السؤال: 422351
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا أطال المسلم الدعاء بعد التشهد، فلا حرج في هذا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القيام والقعود للتشهد على سائر الأركان .
روى البخاري (792) عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: ” كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلاَ القِيَامَ وَالقُعُودَ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ”.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” المراد بالقيام والقعود : قيام القراءة ، وقعود التشهد.
ولهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم فيهما إطالتهما على سائر الأركان، كما تقدّم بيانه، وهذا بحمد الله واضح، وهو مما خفي من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته على من شاء الله أن يخفى عليه” انتهى من “زاد المعاد” (1/214).
وقد رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعاء في هذا الموضع من الصلاة ، بأي دعاء مشروع يرغب فيه المصلي.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ، قُلْنَا: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو)، وفي رواية: ( ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ) رواه البخاري (835)، ومسلم (402).
قال النووي رحمه الله في “روضة الطالبين” (1/265):
“الصحيح الذي عليه الجمهور أن الدعاء مستحب للإمام وغيره ، لكن الأفضل أن يكون الدعاء أقل من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه تبع لهما ، فإن زاد لم يضر
إلا أن يكون إماما فيكره التطويل” انتهى .
وقال أيضا في “المجموع” (4/54) :
“قال الأصحاب: القيام والركوع والسجود والتشهد أركان طويلة بلا خلاف ، فلا يضر تطويله” انتهى.
لكن الهيئة التي ينبغي أن تكون عادة للمصلي؛ هي أن يوازن بين أعمال الصلاة، بحيث تكون متناسبة في الطول.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” … وهذا هو الذي كان يعتمده صلوات الله عليه وسلامه في صلاته؛ فإنه كان يعدلها، حيث يعتدل قيامها وركوعها وسجودها واعتدالها.
ففي “الصحيحين” عن البراء بن عازب، قال: ( رَمَقْتُ الصَّلَاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالِانْصِرَافِ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ ).
وفي لفظ لهما: ( كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُكُوعُهُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَسُجُودُهُ، وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ ),
ولا يناقض هذا ما رواه البخاري في هذا الحديث: ( كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلاَ القِيَامَ وَالقُعُودَ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ )؛ فإن البراء هو القائل هذا وهذا، فإنه في السياق الأول أدخل في ذلك قيام القراءة، وجلوس التشهد.
وليس مراده أنهما بقدر ركوعه وسجوده، وإلا ناقض السياق الأول الثاني، وإنما المراد أن طولهما كان مناسبا لطول الركوع والسجود والاعتدالين، بحيث لا يظهر التفاوت الشديد في طول هذا وقصر هذا؛ كما يفعله كثير ممن لا علم عنده بالسنة، يطيل القيام جدا، ويخفف الركوع والسجود ” انتهى من “كتاب الصلاة” (ص 294 – 295).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب