أسأل عن حكم العمل في مجال الموارد البشرية، حيث يكون هذا الشخص الذي يعمل في هذا المجال مسؤول عن التعيينات، وبالطبع يقوم بتعيين محاسبين، والمحاسب كما تعلمون يقوم بكتابة الربا، ويعمل على كل شيء له علاقة بالبنوك، فهل عليّ إثم إذا اختبرته، ووافقت على تعيينه كمحاسب؟
ما حكم العمل في الموارد البشرية وتعيين محاسب يتعامل بالربا؟
السؤال: 426207
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا يجوز للشركة ولا للمحاسب التعامل بالربا، ولا كتابته، ولا تقييده، ولا الإعانة عليه بوجه من الوجوه؛ لما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: ” لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ).
قال القاضي عياض: ” ودخل الكاتب والشاهد هنا لمعونته على هذه المعصية ومشاركته فيها” انتهى من “إكمال المعلم” (5/283).
وقال النووي رحمه الله: ” هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل” انتهى من “شرح مسلم” (11/26).
ثانيا:
لا حرج في العمل في مجال الموارد البشرية، وما يتضمنه ذلك من تعيين الموظفين ومنهم المحاسب، حتى لو فرض أن المحاسب تعامل بالربا؛ لأن هذا التعيين: إن فرض أن فيه إعانة على الربا؛ فهي إعانة غير مباشرة، وغير مقصودة؛ فإن مسؤول الموارد البشرية لم يُعن المحاسب على إجراء الربا، بتقديم عقد أو ورق أو قلم مثلا، ولم يقصد إعانته على الربا، وإنما قصد تعيينه في المحاسبة وهي تشمل جملة من الأعمال؛ ولابد للشركة من محاسب أو أكثر.
وقد ذكرنا ضابط الإعانة على المعصية في جواب السؤال رقم: (247586) وبينا أن الإعانة إذا كانت غير مباشرة، ولا مقصودة: أنها تباح، ولو حرّم مثل هذه الإعانة لأثم أكثر الناس، ولقيل مثلا: إن من يبيع الخبز للمرابي، أو يقدم له الطعام والشراب، أو يبيع له الثياب، أو يغسلها له، معين على الربا؛ لأنه بذلك يعيش، ويتمكن من مزاولة الربا!
فالإعانة على المعصية تحرم إذا كانت مباشرة، أو كانت غير مباشرة لكنها مقصودة.
وعلى مسؤول الموارد البشرية أن يتجنب أي دلالة على الربا، سواء عقوده، أو صوره، أو بنوكه، أو غير ذلك من صور الإعانة القريبة المباشرة.
فإن سلم من ذلك، جاز عمله ولو كانت الشركة تتعامل بالربا.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن موظف يعمل بشركة تتعامل مع البنوك وتقترض منهم بالربا ، وتعطي الموظفين الرواتب من تلك القروض الربوية.
فأجاب : “هل هذا الموظف يكتب العقود التي بين الشركة وبين البنوك؟
السائل: لا يكتب، بل هو أنا يا شيخ! (أي هو الموظف المسؤول عنه).
الشيخ: إذاً: أنت الآن لا تكتب الربا، ولا تشهد عليه ، ولا تأخذه ولا تعطيه ، فلا أرى في هذا شيئاً، ما دام عملك سليماً فيما بينك وبين الشركة، فوِزْر الشركة على نفسها.
إذا لم تكن تذهب إلى البنوك، ولا توقع على معاملة البنوك: فلا شيء عليك.
فالمؤسسة هذه -أولاً- لم تُبنَ للربا، وليست مثل البنك الذي نقول: لا تتوظف فيه، فهي لم تؤسس للربا.
ثانياً: إنك لم تباشر الربا لا كتابةً ولا شهادةً ولا خدمةً، عملك منفصل عن الربا ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (59/15).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة