عرفنا بأن من ذهب إلى الجمعة مبكرا فأجره كما ذكر في الأحاديث؛ كأجر سنة صيامها، وقيامها، أو أجره كأجر من قرب بدنة، قبل أن أكون خطيبا للناس كنت أذهب إلى المسجد مبكرا، والآن لا أستطيع أن أذهب إلى المسجد مبكرا مثل الماضي؛ بسبب خطبتي، فهل يكتب لي أجر إتيان المسجد؟ وهل ورد شيء في أجر الذي يخطب خطبة الجمعة للناس؟
لا يشرع للخطيب التبكير للجمعة، فهل يفوته ثوابه؟
السؤال: 431458
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ثبت فضل التبكير إلى صلاة الجمعة، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) رواه البخاري (881)، ومسلم (850).
وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم العملية تدل على أن فضل التبكير إنما هو للمأموم، دون الإمام.
قال النووي رحمه الله تعالى:
” ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الجمعة متصلا بالزوال، وكذلك جميع الأئمة في جميع الأمصار ” انتهى من “المجموع” (4/540).
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (143626).
ولا شك أن تأسي الخطيب بالنبي صلى الله عليه وسلم أولى وأفضل.
قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب/21.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6/391).
ومع هذا، فيرجى له أن يأجره الله تعالى على نيته: أنه لو لم يكن خطيبا لاستمر في التبكير، لأن النية الصالحة عمل، والله لا يضيع أجر عمل من الأعمال.
وأما قيام المسلم بوظيفة الإمام الخطيب، ومعلم الناس الخير: فلا شك أن أجر هذا العمل عظيم لمن أخلص النية.
فهو خصلة من خصال خيار هذه الأمة، فمن صفتهم أنهم يكونون أئمة يهتدى بهم.
كما في قول الله تعالى: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان/74.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” وقوله: ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، والسدي، والربيع بن أنس: أئمة يقتدى بنا في الخير.
وقال غيرهم: هداة مهتدين، ودعاة إلى الخير، فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع، وذلك أكثر ثوابا، وأحسن مآبا؛ ولهذا ورد في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به من بعده، أو صدقة جارية ) ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6 / 133).
والخطيب ونحوه من دعاة الخير والهدى للناس: له أجر من سيهتدي بقوله أو فعله.
كما حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا …) رواه مسلم (2674).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة