هل يمكن فسخ الصلح إن كان فيه غبن فاحش لأحد طرفيه؟ حيث إنه بعد أن تم الصلح على مبلغ معين نتيجة فض شراكة، وبعد أن فارق أحد المتصالحين المجلس، وجد نفسه قد غبن غبنا فاحشا، فأعلم الطرف الآخر بانه لا يرضى بهذا الصلح، وطلب منه فسخه، واعتباره كبيع المسترسل، أي الشخص المندفع؟
هل له فسخ الصلح بسبب الغبن؟
السؤال: 432356
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الصلح إذا كان مع الإقرار بالحق، وتم على مال آخر، سوى ما تصالحوا عنه: فهو بيع، تثبت فيه أحكام البيع ومنها ثبوت خيار الغبن.
قال في “كشاف القناع” (3/199): “ويثبت خيار المجلس في الصلح على مال عن دين أو عين أقر بهما؛ لأنه بيع كما يأتي في بابه”.
وقال في (3/394): “النوع الثاني من نوعي الصلح على إقرار: (أن يصالح عن الحق المقَر به، بغير جنسه؛ فهو معاوضة أي: بيع)، كما لو اعترف له بعين في يده، أو دين في ذمته، ثم عوضه عنه ما يجوز تعويضه.
وهو ينقسم ثلاثة أقسام نبه عليها بقوله:
1-(فإن كان بأثمان، عن أثمان: فصرفٌ، له حكمه) ؛ لأن بيع أحد النقدين بالآخر يشترط له القبض في المجلس.
2-(و) إن كان (بعرْض عن نقد، أو) كان (عن العرض بنقد، أو) كان عن العرض (بعرض: فبيع)؛ يشترط فيه العلم؛ لأنه مبادلة مال بمال…
3-(وإن كان) الصلح عن نقد أو عرض (بمنفعة، كسُكنى دار وخدمة عبد)، مدةً معلومة، (أو) صالحه عن ذلك، (على أن يعمل له عملا معلوما، فأجازه)، كخياطة ثوب وبناء حائط، فهو إجارة – لأنها بيع المنافع – (تبطل بتلف الدار، وموت العبد، لا عتقُه) أو بيعه أو هبته، (كسائر الإجارات” انتهى.
وعلى ذلك؛ فلو كان للشريك مثلا نصيب في المحل أو الأرض، أو في أعيان غير ذلك، وصاحبه مقِر له بذلك، فصالحه على نقود بدلا من نصيبه، أو على عقار آخر، أو نصيب فيه؛ فهذا الصلح يعتبر بيعا، وتثبت فيه أحكامه، ومنها الخيار، سواء خيار الغبن أو غيره.
وإن كان الطرف الآخر ينكر الحق، ومع ذلك صالح المدعي على شيء مما ذكرنا، فهو بيع في حق المدعي، وإبراء في حق المدعى عليه، فتثبت أحكام البيع للطرف الأول دون الثاني.
قال في “الكشاف” (3/397): “القسم الثاني من قسمي الصلح: (الصلح على إنكار) وذلك (بأن يدعي) إنسان (عليه عينا في يده، أو دينا في ذمته، فينكره) المدعَى عليه (أو يسكت، وهو يجهله) أي: المدَّعى به، (ثم يصالح على مال؛ فيصح) الصلح في قول أكثر العلماء، لعموم ما سبق…
(ويكون) الصلح على (المال المصالح به بيعا في حق المدعي) ؛ لأنه يعتقده عوضا عن حقه، فيلزمه حكم اعتقاده.
(فإن وجد) المدعي (فيما أخذه) من المال (عيبا، فله رده وفسخ الصلح)، أو إمساكه مع أرشه، كما لو اشترى شيئا فوجده معيبا.
(وإن كان) ما أخذه المدعي عوضا عن دعواه (شقصا مشفوعا، ثبتت فيه الشفعة) لشريك المدعى عليه؛ لأنه بيع، لكونه أخذه عوضا، كما لو اشتراه.
(ويكون) صلح الإنكار (إبراءً في حق المنكر؛ لأنه دفع إليه) أي: المدعي (المال افتداءً ليمينه، ودفعا للضرر عنه) من التبذل والخصومة، لا عوضا عن حق يعتقده عليه.
(فإن وجد) المنكِر (بالمصالَح عنه عيبا، لم يرجع به)، أي: بما دفعه من المال، ولا بأرشه (على المدعي، وإن كان) ما صالح به المنكر (شقصا لم يثبت فيه الشفعة) لاعتقاده أنه ليس عوضا” انتهى.
ثانيا:
خيار الغبن يثبت في صور معينة، منها المسترسل وهو الجاهل بالقيمة ولا يحسن المماكسة، إذا غُبن غبنا فاحشا، كما بينا في جواب السؤال رقم: (263764)، ورقم: (283811).
وعلى هذا :
فإنه ينظر في حال الشريك الذي يدعي أنه غُبن ، هل الصلح في حقه كان بيعا أم لا ؟ حسب التفصيل السابق.
فإن كان بيعا، وكان الغبن كثيرا: ثبت له الخيار.
وإن كان ليس بيعا ، أو كان الغبن يسيرا، فلا خيار له .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة