هل هذه أدعية جائزة: ” اللهم اغفر لي بشفاعة رسولك محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم اغفر لي بدعاء رسولك محمد عليه الصلاة والسلام ” ؛بما أنه شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام ودعائه لأمته ثابت؟
ما حكم الدعاء (اللهم اغفر لي بشفاعة نبيك)؟
السؤال: 440969
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان:
الأولى: أن يشفع شفاعة خاصة لأحد من الناس، في قبول دعائه ونحو ذلك، فيجوز لهذا الشخص أن يقول: اللهم شفعه في، كما سيأتي في حديث الأعمى.
وأما من لم يشفع له، فلا وجه لقوله: أسألك بشفاعته لي، لأن هذا يتضمن الكذب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشفع له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: ” ومعلوم أن الواحد بعد موته إذا قال : اللهم فشفعه في وشفعني فيه ، مع أن النبي لم يدع له: كان هذا كلاما باطلا ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (1/278).
الثانية: شفاعة عامة، وهذه تكون يوم القيامة؛ فلا يصح أن يتوسل بها الإنسان في دعائه اليوم، كأن يقول: اللهم اغفر لي لأجل شفاعة نبيك لأمته يوم القيامة، فلا مناسبة بين دعائه، وبين حصول هذه الشفاعة، بخلاف ما لو قال: اللهم شفع في نبيك يوم القيامة.
ثانيا:
دعاؤه صلى الله عليه وسلم، نوعان كذلك:
1-دعاء خاص، فمن دعا له، جاز أن يقول: اللهم استجب دعاء نبيك صلى الله عليه وسلم لي، أو اللهم تقبل دعاءه في.
ومثال الدعاء الخاص والشفاعة الخاصة ما جاء في حديث الأعمى، كما روى أحمد (17240)، والترمذي (3578)، وابن ماجه (1385) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ: ” أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: (إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)، قَالَ: فَادْعُهْ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ) والحديث صححه الألباني، وشعيب الأرنؤوط.
فهذا الرجل دعا وشفع له النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال له: (إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)؛ فلما دعا وشفع له، جاز له أن يقول: الله شفعه في.
وأما من لم يدع له، ولم يشفع له بخصوصه؛ فليس له أن يدعو بذلك.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” ما بيّن الله ورسوله أنه حق للعباد على الله: فهو حق؛ لكن الكلام في السؤال بذلك؟
فيقال: إن كان الحق الذي سأل به، سببا لإجابة السؤال : حسُن السؤال به ، كالحق الذي يجب لعابديه وسائليه.
وأما إذا قال السائل: بحق فلان وفلان؛ فأولئك، إن كان لهم عند الله حق أن لا يعذبهم، وأن يكرمهم بثوابه ويرفع درجاتهم، كما وعدهم بذلك وأوجبه على نفسه فليس في استحقاق أولئك ما استحقوه من كرامة الله، ما يكون سببا لمطلوب هذا السائل؛ فإن ذلك استحَق ما استحقه، بما يسره الله له من الإيمان والطاعة، وهذا لا يستحق ما استحقه ذلك؛ فليس في إكرام الله لذلك سبب يقتضى إجابة هذا.
وإن قال : السبب هو شفاعته ودعاؤه ، فهذا حق؛ إذا كان قد شفع له ودعا له، وإن لم يشفع له ولم يدع له، لم يكن هناك سبب” انتهى من “مجموع الفتاوى” (1/219).
2-دعاء عام، وهذا لا يصح بناء التوسل عليه؛ لأنه لو كان مشروعا، لكان سببا عاما لإجابة الدعاء، كرفع اليدين والدعاء في السفر والسحر وبين الأذانين، ومعلوم أنه لم يرد في الشرع أن هذا التوسل من أسباب إجابة الدعاء، ولو كان سببا، لدعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، ورغبها فيه، كما رغبها في بقية الأسباب، ومعلوم أيضا أن الدعاء عبادة، ومبناها على التوقيف، فإذا لم يرد في الشرع التوسل، اعتمادا على الدعاء العام، لم يكن مشروعا.
فالواجب حينئذ أن يُقتصر في هذا النوع من التوسل على من دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، أو شفع له بخصوصه، فهذا الذي له أن يقول: الله شفعه في، أو تقبل دعاءه في.
وأما غيره، فله أن يتوسل بعمله الصالح، كما دل عليه قصة أصحاب الغار، فلو قال الداعي: اللهم إني أسألك بحبي لنبيك، أو بطاعتي لنبيك صلى الله عليه وسلم، كان حسنا، وكان آتيا بسبب منه يقتضي الإجابة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب