منذ ٦ سنوات نذرت صيام شهرين متتابعين وقيامهما إن إلتحقت بكلية الطب، وكان ذلك قبل ظهور نتيجة وتنسيق الثانوية العامة، ولم يكن فى عقلى وقتها فكرة الجامعة الخاصة، وعندما ذكر أهلى الفكرة، غيرت نذرى إلى أن تكون كلية طب حكومية، طبعا كنت جاهلا بأحكام النذر والقيام وقتها، بعد ظهور نتيجة التنسيق التى لم تكن كلية الطب، وحينها اعتبرت النذر لم يتحقق، ونسيته، فالتحقت بعد ذلك بكلية طب بجامعة خاصة، منذ بضعة شهور قرأت على موقعكم الكريم أحكام النذر، والآن أنا أحاول قضاء هذا النذر بالصيام والقيام، وكنت أظن أن أقل القيام فى الليل ركعتين فأكثر طوال الشهرين يقضى النذر، وأنا أصليهم إحدى عشر فى آخر الليل فى أغلب هذه الأيام، لكن أحيانا قد يكونون أقل، ثم قرأت فى فتوى فيمن نذر قيام أربع أن يقوم الليلة كاملة، هذا إن حاولت تطبيقه فى حالتى التى فيها شرط التتابع لشهرين والصيام المقترن بالقيام سيكون ذلك بالنسبة لى تقريبا مستحيل، هل يجب أن أعيد شهريي الصيام والقيام المتتابعين من البداية؟ وهل قضائى لهذا النذر أصلا واجب وإن لم أفكر أصلا فى الجامعة الخاصة مع النذر الأول؟
من نذر قيام ليلة فبأي شيء يتحقق قيامه؟
السؤال: 444685
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
النذر المعلق على شرط مكروه، منهي عنه، ولا يأتي بخير، فلا يقع إلا ما قدّره الله تعالى .
روى البخاري (6608) ومسلم (1639) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ: (إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيل).
وروى البخاري (6609) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ – في الحديث القدسي-: (لَا يَأْتِ ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَدَّرْتُهُ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ الْقَدَرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ).
ثانيا:
النذر كاليمين، ومبناه في الأساس على النية. قال القرافي: ” والمعتبر في النذور: النية ” انتهى من “الذخيرة” (3/75).
وعلى ذلك:
1-فإن كانت نيتك بالنذر ما لو التحقت بكلية الطب الحكومي بحسب نتيجة تنسيق الثانوية، فإن شرط النذر لم يتحقق، ولا يلزمك شيء.
وإن كانت نيتك دخول كلية الطب، ولو خاصة، فقد تحقق نذرك.
2-فإن لم يكن لك نية، رجعنا إلى سبب النذر والباعث عليه، فإن كان هو الأمل في كون التنسيق يدخلك كلية الطب، فالنذر لم يتحقق أيضا.
وإن كان المقصود هو مجرد دخولك كلية الطب، لتكون طبيبا في المستقبل؛ فقد تحقق شرط النذر ، فيلزمك الوفاء به .
3-فإن لم توجد نية ولا سبب، عملنا باللفظ، فحيث دخلت كلية الطب- خاصة أو عامة- لزمك الوفاء بالنذر.
قال الخرشي في “شرح مختصر خليل” (3/93): “وينظر في النذر كاليمين إلى النية، ثم العرف ، ثم اللفظ” انتهى.
ثالثا:
على فرض أنك لم تنو شيئا محددا، ولم يوجد سبب أو باعث يجعل النذر مقصورا على دخول الطب الحكومي، فإنه يلزمك الوفاء بالنذر عملا باللفظ، وهو الالتحاق بكلية الطب، وقد حصل.
رابعا:
قيام الليل يحصل بركعتين.
قال النووي رحمه الله: ” واعلم أن فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه: تحصل بالقليل والكثير، وكلما كثر كان أفضل، إلا أن يستوعب الليل كله فإنه يكره الدوام عليه، وإلا أن يضر بنفسه.
ومما يدل على حصوله بالقليل: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) رواه أبو داود وغيره.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما” انتهى من التبيان في آداب حملة القرآن، ص65
وفي “الفتاوى الهندية” (1/112): ” (وَمِنْهَا): صَلَاةُ اللَّيْلِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَمُنْتَهَى تَهَجُّدِهِ عليه السلام: ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ” انتهى.
وفي “الفواكه الدواني” (1/201): ” َأَمَّا فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ وَاجِبٌ لِمَا فِي الْبَيْهَقِيّ: ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: التَّهَجُّدُ وَهُوَ قِيَامُ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ وَالضُّحَى.
وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ: أَقَلُّهُ، وَهُوَ رَكْعَتَانِ” انتهى.
وعليه؛ فمن نذر قيام ليلة حصل الوفاء بصلاة ركعتين.
ولو فاتك القيام في الليل، فصل ركعتين مع الوتر قبل صلاة الصبح، كما سيأتي.
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب