0 / 0
04/رمضان/1446 الموافق 04/مارس/2025

ما حكم منع الوالدين من بعض الأطعمة حفظًا على صحتهما؟

السؤال: 445032

أبي وأمي يعانيان من أمراض مزمنة كالسكري والضغط، وأبي شخص يأكل كثيرا من كل شيء، ولا يتوقف عن الأكل إلا عند النوم، أنا أتحكم بطعامه، وكمية الطعام، مثل: الأرز، والدجاج، وأقلل له كمية العشاء؛ لأجل صحته، وهو لا يعجبه هذا، فهل يعتبر هذا من عقوق الوالدين؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا:

في البداية نود أن نشكر لك عنايتك بوالديك وبصحتهما فلا شك أن هذه العناية وهذا الاهتمام من مظاهر بر الوالدين نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.

ثانيًا:

 عَنْ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ -رضي الله عنه-: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: (لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ) رواه الحاكم (2/57-58) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم، ورواه ابن ماجه (2340) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ).

ولا شك أن المسلم مأمور بأن يرعى مصالح نفسه وبأن يدفع الضرر عن نفسه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أقر سلمان رضي الله عنه عندما قال لأبي الدرداء: (ولنفسك عليك حقًا) رواه البخاري (1867).

ثالثًا:

بناء على ما تقدم هل إذا بلغت أطعمة معينة حد الضرر الظاهر، هل يحرم على المسلم تناولها بكيفية تضره؟

الجواب: نعم. لا يجوز للمسلم تناول ما يضره ويؤذيه، ضررا مباشرا، محققا.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: 

"والضارُّ في غيره: مثل أن يكون هذا الطعام لا يلتئم مع هذا الطعام، بمعنى أنك إذا جمعتَ بين الطعامين: حصل الضرر، وإذا أكلتهما على انفرادٍ لم يحصل الضرر، ومن ذلك الحمْية للمرضى، فإن المريض إذا حُمي عن نوع معينٍ من الطعام، وقيل له: إن تناوله يضرك: صار عليه حرامًا...

قال شيخ الإسلام رحمه الله : "وإذا خاف الإنسان من الأكل أذًى أو تخمة: حَرُمَ عليه"

فإذا قال الإنسان: أنا إذا ملأتُ بطني من هذا الطعام: فإنه سيحتاج إلى ماء، فإذا أضفتُ إليه الماء: فلا أكاد أمشي، وأتأذى، فإن جلست: تأذيت، وإن ركعتُ: تأذيت، وإن استلقيت على ظهري: تأذيت، وإن انبطحت على بطني: تأذيت، وفي هذا يقول شيخ الإسلام: "إذا خاف الأذية: فإنه يحرم عليه الأكل"، وما قاله رحمه الله: صحيح ؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يأكل ما يؤذيه، أو يلبس ما يؤذيه، أو يجلس على ما يؤذيه، حتى الصحابة رضي الله عنهم في السجود، كانوا إذا أذاهم الحر يبسطون ثيابهم، ويسجدون عليها؛ لئلا يتأذوا؛ ولأجل أن يطمئنوا في صلاتهم.

وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام خوف الأذية والتُّخمة ممَّا ضرره في غيره، وهو الإكثار، يعني هو بنفسه ليس بضار، لكن الإكثار منه يكون ضاراً مؤذياً، حتى وإن لم يتضرر، لكن الظاهر لي من الناحية الطبية أنه يتضرر؛ لأن المعدة إذا ملأتها سوف تتأذى وتتعب، وقد قيل: إن من الأمور المهلكة: إدخال الطعام على الطعام، فإذا صح ذلك كان –أيضاً– حراماً؛ لأن الله يقول: وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا النساء/29.

ولا يبعد أن يكون هذا صحيحاً، وهو أمر مجرَّب" انتهى من "الشرح الممتع" (15/9-11).

وقال الشيخ رحمه الله أيضًا: "لو قيل لرجل مصاب بالداء السكري: لا تأكل التمر، ولا الحلوى: صار التمر، والحلوى حراماً عليه؛ لأنها تضره، ووجب عليه اجتنابها، وهي حلال للآخرين" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (229/ السؤال رقم 2).

وهذا إذا كان حصول الضرر أو الأذى أو التخمة محققا، ظاهرا.

وأما إذا كان الضرر قد يحصل على التدريج لاحقا، فلا يقال بتحريم تناول الطعام المباح في الأصل، لكن يدعى الإنسان إلى الحمية ما أمكن؛ لتفادي ما يتوقع ضرره.

رابعًا:

بناء على ما تقدم فإنه يتلطف مع الوالدين في منعهما مما يخشى ضرره، ويحتال عليهما بما أمكن من الحيل لتناول ما يناسبهما دون غيره، وتدخلين عليهما من باب المحبة والشفقة والحرص عليهما، فإن أصرا على تناول الزائد لم يجز منعهما ولا إغضابهما؛ لأتهما مكلفان مسئولان عن تصرفهما، وإغضابها يدخل في العقوق المحرم.

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
ما حكم منع الوالدين من بعض الأطعمة حفظًا على صحتهما؟ - الإسلام سؤال وجواب