تنزيل
0 / 0

هل التخلف عن صلاة الفجر دليل على عدم محبة الله تعالى للعبد؟

السؤال: 445863

قرأت عبارة تقول: بأن القيام بصلاة الفجر على وقتها هو دليل على حب الله واصطفائه، وهو توفيق منه عز وجل، فهل هناك دليل شرعي على ذلك؟ وعلى هذا فهل كل من أخذ بالأسباب للقيام بالصلاة على وقتها كضبط المنبه والنوم مبكراً، ثم لم يستيقظ للصلاة، هل يعني هذا أن الله لا يحبه ولا يحب لقاءه؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

توفيق الله تعالى للعبد للمحافظة على الطاعات ، وأفضلها : الصلوات الخمس جماعة، أمارة على محبة الله تعالى له ورضاه عنه، وأنه سبحانه قد أراد هدايته.

قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) محمد/17.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

” ثم بين حال المهتدين، فقال: ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا ) بالإيمان والانقياد، واتباع ما يرضي الله ( زَادَهُمْ هُدًى ) شكرا منه تعالى لهم على ذلك، ( وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) أي: وفقهم للخير، وحفظهم من الشر، فذكر للمهتدين جزاءين: العلم النافع، والعمل الصالح ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 787).

ولذا تعدّ أكبر الكرامات التي يكرم الله بها عبده هي أن يثبته على الاستقامة إلى أن يلقاه.

وتخلف العبد عن الطاعات وخاصة الصلوات أمارة على ضعف في الإيمان.

روى البخاري (657)، ومسلم (651) عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَيْسَ صَلَاةٌ ‌أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ).

وروى ابن أبي شيبة في “المصنف” (3/229) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ” كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ فِي صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ “.

لكن قد يبتلي الله تعالى بعض عباده بما يقعدهم عن حضور بعض الطاعات، كما ابتلى بعض الصحابة بفقد البصر، فلم يحضروا الغزوات، فلم يكن تخلفهم هذا مسيئا لهم؛ لأن قلوبهم صادقة في محبة الطاعات والتطلع لها وتمنيها، لذا أدركوا الخير بقلوبهم.

كما في حديث ‌أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ: إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ ، ‌حَبَسَهُمُ ‌الْعُذْرُ ) رواه البخاري (2839).

وهذا حال كل معذور لم يستطع القيام بطاعة من الطاعات، ومنها من غلبه النوم عن حضور الفجر .

روى الإمام أحمد في “المسند” (18/ 281 – 282)، وأبو داود (2459) عن أبي سعيدٍ، قال: “جاءتِ امرأةٌ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ونحن عنده فقالت: يا رسولَ اللهِ، إن زوجي صفوانَ بنَ المُعطَّل يضرِبُني إذا صليتُ ويُفطِّرني إذا صُمْتُ، ولا يُصَلي صلاةَ الفجر حتى تطلعَ الشمسُ، قال: وصفوانُ عندَه.

قال: فسأله عما قالت، فقال: يا رسولَ الله، أما قولُها يَضْرِبُني إذا صليتُ، فإنها تقرأ بسُورتَين وقد نهيتُها، قال: فقال: ( لو كانت سورةً واحِدةً لكَفَتِ الناس)، وأما قولُها يفطِّرني، فإنها تنطلق فتصومُ وأنا رَجُل شابٌّ فلا أصبِرُ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومئذ: ( لا تَصُومُ امرأةٌ إلا بإذن زوْجِهَا )، وأما قولها إنِّي لا أُصلِّي حتى تطلُعَ الشمسُ، فإنا أهْلُ بَيْت قد عُرِفَ لنا ذاك، لا نكادُ نستيقِظُ حتى تطلعَ الشمسُ، قال: (  فإذا استيقظتَ فَصَل ).

وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في “الإصابة” (5/280)، ومحققو المسند، وقال الشيخ الألباني: ” إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان” انتهى من “صحيح سنن أبي داود” (7/221).

وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى) رواه مسلم (681).

فالذي ينبغي للمؤمن أن يحرص على شهود الصلوات جماعة في المسجد ، فإن تخلف عنها لعذر من غلبة نوم – مع احتياطه لذلك، وأخذه بالأسباب – أو مرض ونحو ذلك : فلا حرج عليه ، لكن يلزمه الصلاة متى استيقظ، أو تذكر ما فاته من الصلوات.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (99471)، ورقم: (10914).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android