أنا شاب عمري 15 سنة وأنا ملتزم ولله الحمد. ولكن منذ أربعة أو خمسة أيام كانت تأتي لي أسئلة عن مثلا حكم التخيلات والتفكير الجنسي في الإسلام فقرأت الحكم في هذا الموقع وفي موقع إسلام ويب وبعد ذلك أتاني سؤال جنسي آخر عن حكم الإستمناء باليد في الإسلام وقرأت الحكم الشرعي لهذا الشيء ولكن كل ما كنت أعرف حكم سؤال كانت تأتي لي أسئلة جنسية أخرى فكنت طول النهار وفي الليل أقرأ الفتوى لهذه الأسئلة. وكنت أحاول أن أنوي أنني بقرأتي للفتاوى أتعلم ما ينفعني ولكن كان يغلب ذلك إحساسي بالشهوة أثناء القراءة وكان ينزل مني في معظم الأحيان مذياً وأحيانا منياً. فهل قرأتي لهذه الفتاوى التي تجيب عن أسئلة جنسية لمدة أربعة أو خمسة أيام وشعوري معها بالشهوة وإنزالي معها لمذي ومني يعتبر من العادة السرية أو من كبائر الذنوب؟
قراءة الفتاوى الجنسية لإثارة الشهوة
السؤال: 447876
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولًا:
سبق لنا بيان حكم الاستمناء في جواب السؤال رقم: (329).
ثانيًا:
لما حرمت الشريعة الاستمناء، وقصرت سبيل تحصيل الشهوة على الجماع الشرعي للزوجة أو ملك اليمين؛ فإنها بذلك تكون قد سبقت بقرون ما صار مستقرًا الآن في الدراسات المتعلقة بالإدمانات، من خطر الإدمانات ذات الطابع الجنسي، وما تقدمه للإنسان من دفعة رضا وسعادة قصيرة المدى، تعقبها نوبة من الانسحاب والاشتياق لتكرار السلوك الإدماني مرة أخرى، مما يؤدي حتمًا لجوهر خطر الإدمانات، وهو الحصول على دفقة سعادة قصيرة مقابل تكلفة عالية من المخاطر، قد تكون مخاطر صحية كما في المخدرات، أو مخاطر مالية كما في الميسر، وإدمان الاستهلاك، أو تكون مخاطر متعلقة بِإضاعة الوقت ونشوء صلة غير صحية بالجنس، فيتحول بهذه الصلة غير الصحية من كونه نشاطًا غريزيًا امتن الله به على عباده، وشرع لهم طريقًا رشيدًا للاستمتاع به، يتحول من ذلك إلى نشاط غير رشيد، يهدر حياة الإنسان، ويؤثر على المسارات العصبية لدماغه، بشكل يعوده على دفقة السعادة هذه، ويزهده في الطرق الشرعية الرشيدة لقضاء الشهوة، مما يؤدي إلى عدم قدرة الإنسان على الاستمتاع بالجوانب العاطفية للعلاقة الجنسية مع الزوجة، فسيكون متمحورًا حول الجنس، مستعملًا لزوجته كأداة جنسية، متجاهلًا للمحتوى العاطفي الضروري توافره في العلاقة الجنسية مع الزوجة.
إذا فهمت هذا جيدًا، وفهمت دور الجنس الرشيد في حياة المسلم: سيتضح لك بناء الحكم الذي سنذكره في النقطة التالية.
ثالثًا:
لما حرمت الشريعة الاستمناء، لم تحرمه لطبيعة خاصة به لا توجد في غيره، ولكن حرمته لمعنى يوجد فيه، وهو أن هذا الطريق ليس طريقًا مشروعًا رشيدًا لقضاء الشهوة.
ولما حرمت الشريعة النظر للنساء، حرمته لمعنى يوجد فيه، وهو أنه إثارة للشهوة تقود للمحرمات.
وهذان المعنيان يوجدان في كل مادة يتعامل الإنسان معها متعمدًا إثارة شهوته، سواء وصلت هذه الإثارة لدرجة الإنزال أم لا.
فهي إن لم تصل لدرجة إنزال المني، ففيها شبه النظر المحرم، وإن وصلت لدرجة الإنزال فهي ليست استمناء صريحًا، لكنها من جنس الاستمناء، ويتوفر فيها نفس معنى الاستمناء من أنها تعمد لقضاء الشهوة من غير طريق الجماع الشرعي.
فقراءة الكتب التي تتعلق بإرشادات ليلة الزفاف، أو النظر لصور كرتونية لنساء متبرجات، أو كما في حالتك قراءة الفتاوى المتعلقة بالجنس، كل هذه المسائل ليست استمناء، وليست نظرًا صريحًا لامرأة مثلا، لكن كلها إن فعلها الإنسان بقصد استثارة شهوته، أو فعلها متعمدًا حتى ينزل مذيه أو منيه فإنه؛ بذلك يحقق نفس المعاني التي لأجلها حرمت الشريعة النظر وأوجبت غض البصر، ونفس المعاني التي لأجلها حرمت الشريعة الاستمناء.
لأجل ذلك فالنظر للطفلة الصغيرة، أو للشاب الصغير، غير محرم بالاتفاق؛ لكن الإنسان إن علم أن ذلك يثير شهوته، ففعله: يكون هذا النظر محرمًا في حقه، وهذه هي طريقة الشريعة في التعامل مع هذه المسائل.
وانظر في ذلك جواب السؤال رقم: (316186).
هذا، مع أن الذي يفعل ذلك، ويثير شهوته بهذه الطرق التي هي مباحة من ناحية أصلها؛ يبقى تورطه في الاستمناء والنظر المحرم مسألة وقت فقط، فحتى لو قلنا إنها ممارسات ليست محرمة لذاتها، فهي محرمة لكونها ذريعة للتورط في المحرمات وهذا معلوم ومجرب ومشاهد.
يقول الشيخ ابن عثيمين في فتوى له حول التفكير في الخيالات الجنسية: " ولاشك أن الاسترسال في هذه الخواطر والأفكار، قد يفضي إلى الحرام، طلبا لتفريغ الشهوة، فيقع الإنسان في الاستمناء، أو تتبع الصور المحرمة، أو غير ذلك.
ولهذا ينبغي أن تدعي التفكير في هذه الأمور، وأن تصرفي ذهنك عنها، وأن تشغلي نفسك بطاعة الله تعالى، وما ينفعك في أمور دينك ودنياك" انتهى، من "مجموع الفتاوى" (21/101).
رابعًا:
لا شك أن قراءة الفتاوى الشرعية أمر محمود يثاب عليه من طلب به التعلم لوجه الله، ولا شك أن قراءة الفتاوى المتعلقة بالمسائل الجنسية هو من الثقافة الجنسية الشرعية التي يُحمد من أراد بقراءتها رفع درجة وعيه الشرعي والحياتي.
لكن الأبواب المشروعة إن سلك بها الإنسان طريقًا غير مشروع، فقد خرج بها عن مقاصدها، ويحرم عليه سلوك هذه الطرق غير المشروعة، وإذا كان يسع الإنسان ترك هذا الباب المشروع مؤقتًا حتى يدرب نفسه على هجر الطريق غير المشروع، فلا بد أن يفعل الإنسان ذلك.
فالخلاصة:
أن تعمد قراءة الفتاوى الشرعية المتعلقة بالأمور الجنسية لأجل استثارة الشهوة، سواء وصل ذلك لإنزال المني أم لم يصل لذلك، ليس استمناء، لكنه غير مباح، وهو ليس من كبائر الذنوب لكن الإصرار عليه واعتياده قد يصل بالمرء إلى درجة الكبائر، وهو إن لم يصل لدرجة الإنزال ففيه نفس معنى النظر المحرم، وإن وصل لدرجة الإنزال ففيه معنى الاستمناء، ويؤدي إلى نفس نتائجه.
والنصيحة لك: هي بالتوقف عن القراءة في هذه المجالات في الوقت الحالي، حفظك الله وطهر قلبك.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة