الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجوز الاشتراك في جمعية عائلية لهدف المساعدة في تكاليف العزاء ونحو ذلك من النوائب.
ويجوز الاتفاق فيها على أن المال المدفوع يخرج عن ملك صاحبه ولا يسترد، وهذا هو الأصل.
ويترتب عليه: عدم وجوب الزكاة في مال الجمعية، لأن شرط الزكاة الملك، وهذا خارج عن الملك.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/291) : " قبيلة من القبائل كونوا مبلغا من المال، وجعلوا هذا المبلغ خاصا لما يجري على هذه القبيلة من الدم، ومشوا هذا المبلغ للتجارة، والربح الناتج عايد للدم أيضا، فهل يجب بهذا المبلغ زكاة أم لا؟ وإذا لم يتاجَر فيه هل عليه زكاة أم لا؟ وهل يحق للقبيلة نفسها أن تدفع فيه زكاة أموالها من النقدين؟
الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر؛ فلا زكاة في المال المذكور؛ لكونه في حكم الوقف، سواء كان مجمدا أو في تجارة تدار.
ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة ، لكونه ليس مخصصا للفقراء ، ولا غيرهم من مصارف الزكاة " انتهى .
وقولهم في الفتوى: " ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة": معناه: أنه لا يجوز يدفع أحد زكاة ماله مع هذا المال، سواء كان للدم أو غيره، لأن هذا ليس من مصارف الزكاة.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في جمعية قروية يتبرع أهلها باشتراك شهري لها ، ويرصد مالها للإعانة على الحوادث والديات وإقراض من يحتاج إلى الزواج :
" أموال هذا الصندوق ليس فيها زكاة , لأنها خارجة عن ملك المشتركين، فليس لها مالك معين , ولا زكاة فيما ليس له مالك معين " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/184) .
ثانيا:
في حال الاتفاق على عدم استرداد المال عند الانسحاب من الجمعية، كما ورد في السؤال، فإنه لا يجوز المطالبة بالمال؛ لأمور:
1-وجوب الوفاء بالعقد والشرط؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
2-أن المال خرج عن ملك أصحابه كما قدمنا، ولهذا لم تلزمهم زكاته فيما مضى من السنين.
3-تحريم الرجوع في الهبة والصدقة بعد القبض.
روى البخاري (2589)، ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ.
وفي رواية للبخاري (2622) لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ .
وروى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ، يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في شرح منتهى الإرادات (2/ 437): "ولا يصح رجوع واهب في هبته بعد قبض؛ للزومها به، ويحرم الرجوع بعده؛ لحديث ابن عباس مرفوعا : (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) متفق عليه ، وسواء عوض عنها أو لم يعوض، لأن الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابا" انتهى.
والحاصل أن المال خرج عن ملك المتبرعين، فليس لهم المطالبة به، كيف وقد اتفقوا على ذلك ابتداء؟!
ثالثا:
لا حرج في شراء أجهزة لمن يحتاجها، وبيعها عليه بالتقسيط بربح معلوم ك 20% بشرط أن تشترى السلعة لصالح الصندوق أولا، ثم تقبض وتخرج من محل بائعها، ثم تباع على الراغب، وهو ما يسمى ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وينظر في بيانه:
بيع المرابحة للآمر بالشراء.
والله أعلم.