ماحكم حلق جزء من شعر الرأس وترك بعضه ؟
هل تقصير الشعر في جوانب الرأس من القزع المنهي عنه؟
السؤال: 457810
ملخص الجواب
حلق جزء من شعر الرأس وترك بعضه هو القَزَع المكروه، أما تقصير بعض شعر الرأس كالجوانب وترك الوسط فهذا لا يدخل في تعريف القَزَع، لكن إذا كان التقصير كثيرًا -بحيث يكون وسط الشعر كثيفًا مرتفعًا وجوانبه خفيفة جدًّا- فهو منهي عنه أيضًا لأنه يشبه القَزَع وفيه تشبُّه بأهل الفساد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
حلق بعض الرأس وترك بعضه هو القزع، وهو مكروه.
فقد روى البخاري (5921) ، ومسلم (2120) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” نَهَى عَنْ الْقَزَعِ ” .
قال نافع – أحد رواة الحديث – في تفسير القزع : يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ .
قال في “المطلع على ألفاظ المقنع”، ص29: “قوله: “ويكره القَزَع”: القزع بفتح القاف والزاي، أخذ بعض شعر الرأس، وترك بعضه، نص على ذلك ابن سيدة في “المحكم” وكذا فسره الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه” انتهى.
وقال في “كشاف القناع” (1/ 79): “ويكره القزع وهو حلق بعض شعر الرأس وترك بعضه … فيدخل في القزع : حلق مواضع من جوانب رأسه ، وترك الباقي، مأخوذ من : قزع السحاب، وهو تقطُّعه.
وأن يحلق وسطه ، ويترك جوانبه ، كما تفعله شمامسة النصارى.
وحلق جوانبه ، وترك وسطه ، كما يفعله كثير من السفلة.
وأن يحلق مقدمه ، ويترك مؤخره” انتهى.
وعلة النهي : التشويه للخلقة ، أو التشبه باليهود ، أو الفساق.
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” (14/ 101): ” وأجمع العلماء على كراهة القزع ، إذا كان في مواضع متفرقة ، إلا أن يكون لمداواة ونحوها. وهي كراهة تنزيه” انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “واختلف في علة النهي ، فقيل لكونه يشوه الخلقة ، وقيل لأنه زي الشيطان ، وقيل لأنه زي اليهود” انتهى من “فتح الباري” (10/ 365).
وأما إذا قصر بعضه وترك بعضه، كأن يقصر من جوانب الرأس دون وسطه، فهذا يمنعه بعض أهل العلم إما إلحاقا بالقزع، أو لكونه تشبها بأهل الفساد.
ثانيا:
النهي في هذه الأحاديث الواردة عن القزع ، محمول على الكراهة لا التحريم .
قال النووي رحمه الله في “المجموع” (1/347) : ” يُكْرَهُ الْقَزَعُ” انتهى .
وقال صاحب “مطالب أولي النهى” رحمه الله : “وَكُرِهَ القَزَعٌ , وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكُ بَعْضٍ” انتهى .
فعلى هذا ، فالقزع مكروه ، إلا إذا فعله صاحبه على وجه التشبه بالكفار أو الفساق ، ففي هذه الحال يكون محرماً لا مكروهاً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” والقزع مكروه … إلا إذا كان فيه تشبه بالكفار فهو محرم”، انتهى، “الشرح الممتع” (1/167) .
ثالثا:
أما تقصير بعض شعر الرأس ، كالجوانب ، وترك الوسط ، فهذا لا يدخل في تعريف القزع ، ولكن إذا كان التقصير كثيرا فهو منهي عنه أيضا ، لأنه يشبه القزع .
ولأن تقصير الشعر بهذه الطريقة – الآن- هو من سمات الكفارة والفسقة وليس من سمات أهل المروءة والعدالة ، فلا ينبغي للمسلم أن يتشبه بهؤلاء .
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله عن هذه المسألة فأجاب :
“هذا يشبه القزع وإن لم يكن قزعاً .
وبعضها من صور التشبه بالكفار التي دخلت على المسلمين” انتهى .
والذي يظهر أن المكروه من ذلك ما يكون فيه التباين كثيرا ، ظاهرا، بحيث يكون وسط الشعر كثيفا مرتفعا، وجوانبه خفيفة جدا، بما يشبه القزع، فهذا يُمنع لكونه تشويها، أو لكونه من فعل الفساق والسفلة، وهو العلة من منع القزع كما سبق.
وأما إن كان التباين ليس ظاهرا جدا، بل يحصل التناسق بين الوسط والجوانب ، لخفة ما في الوسط خلقة: فلا يظهر ما يمنعه، وليس هذا من فعل الفساق.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب