الانشغال عن النوافل والتراويح بحفظ أمن ضيوف الرحمن
الانشغال عن النوافل والتراويح بحفظ أمن ضيوف الرحمن
السؤال: 457827
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
القيام على أمن ضيوف الرحمن عملٌ عظيمٌ يرجى لأصحابه عظيم الأجر والثواب من الله تعالى، وفضيلة النفع المتعدي أفضل من النفع الذاتي، وخدمتهم للناس من أسباب تحصيل محبة الله عزّ وجل، كما يروى في الأثر: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ).
“وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنيًّا بها: فلا يعتكف؛ لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف، لأن نفعها متعدٍّ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجبات الإسلام”. انتهى من “مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (20/180).
ولذا فإنّ عليهم احتساب هذا الأجر العظيم، وعدم التبرم والضجر من هذه المهام، لما فيها من الأجر العظيم.
ثانيا:
رجل الأمن في الحرمين أثناء أداء المهام المكلف بها من حفظ الأمن وتسيير حركة المصلين والزائرين، هو في واجب فلا يجوز له أن ينشغل عنه بنوافل الطاعات.
وهو غير محروم من أبواب الأجر في رمضان، فأبواب الخير كثيرة ومتنوعة، فمن ذلك أن ينوي بعمله الإحسان إلى المسلمين بحفظ أمنهم وإعانتهم على القيام بعباداتهم في يسر وأمن، فيؤجر على هذه النية وكل نية صالحة.
لعموم حديث عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
ويشغل نفسه بالطاعات التي لا تتعارض مع عمله، كإشغال اللسان بذكر الله تعالى، أو تلاوة ما يحفظ من القرآن الكريم.
ثم إذا كان مواظبا على النوافل والتراويح خارج عمله فإنه يرجى له أجر هذه النوافل وإن لم يفعلها بسبب انشغاله بما كلف به من حفظ أمن المسلمين ومساجدهم، لحديث أَبي مُوسَى قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا) رواه البخاري (2996).
وروى البخاري (4423) عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ).
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟!
قَالَ: (وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (6/ 47): ” وَفِيهِ أَنَّ اَلْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِلِ إِذَا مَنَعَهُ اَلْعُذْر عَنْ اَلْعَمَلِ” انتهى.
(وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ) البخاري (4161).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “معنى الحديث أنّ الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له أجر ما نوى” انتهى من “شرح رياض الصالحين” (1/36).
ومع ذلك، فينبغي أن يحرص رجل الأمن بعد فراغ مهمته على صلاة شيء من النوافل والتراويح كل ليلة، ولو اقتصر على ركعتين يقرأ فيهما بعشر آيات فقط؛ فإن أقل قيام الليل ركعتان، وفي هذه القدر من الصلاة والقراءة خروج من الغفلة.
قال النووي رحمه الله: “واعلم أن فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه تحصل بالقليل والكثير، وكلما كثر كان أفضل إلا أن يستوعب الليل كله فإنه يكره الدوام عليه، وإلا أن يضر بنفسه.
ومما يدل على حصوله بالقليل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من مقنطرين) رواه أبو داود وغيره.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما” انتهى من “التبيان في آداب حملة القرآن” ص 65.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب