أنا وعائلتي نذهب إلى مزرعة لنا في قرية، وهذه القرية مقسمة إلى قسمي،ن قسم للمزارع، وقسم البيوت وغيرها، وفي منطقة المزارع لا نسمع النداء، فنحن لا نصلي هناك في مسجد، بل نصلي جماعة في المزرعة، لكن تفوتنا صلوات كثيرة لا نصليها في المسجد من بينها صلاة الجمعة، وأنا قرأت في موقعكم أن من كان في قرية يجب عليه أن يصلي في المسجد ولو لم يسمع النداء، لكن أنا في مزرعة ،والشيخ ابن عثيمين سئل: أنا أعمل في مزرعة، وهذه المزرعة تبعد عن المسجد الذي تقام فيه الجمعة بما يقارب ستة كيلومترات، وليس عندي وسيلة نقلٍ توصلني إلى المسجد، وقد طلبت من صاحب المزرعة إيصالي إلى المسجد يوم الجمعة فرفض، وقال: صل في المزرعة، فهل يجوز لي أن أصليها ظهراً دائماً، حتى لو كان لأكثر من ثلاث جمع ما دام صاحب العمل لا يسمح لي بالذهاب إلى المسجد؟. وأجاب: نعم، لك أن تصلي في هذا المكان ظهراً كل جمعة؛ لأن صاحب المزرعة لا يُمكِّنك من هذا الأمر، ولأنك بعيد عن مكان المسجد وليس لك ما يوصلك إلى هذا. فالأمر إذاً معلوم، فلا حرج عليك أن تصلي في مكانك ظهراً.
ولا أعرف هل أخذ حكم من في القرية أو لا، فهل يجب علي أن أصليها في المسجد، أو أصليها ظهرا في المزرعة؟
يذهبون إلى المزرعة ولا يسمعون الأذان، فهل تجب عليهم صلاة الجمعة؟
السؤال: 466630
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا كانت منطقة المزارع بها بيوت يقيم فيها أصحابها إقامة دائمة ، فهي في الحقيقة قرية ، يجب أن تقام فيها الجمعة إن اجتمع العدد الواجب لصلاة الجمعة ، وقد اختلف العلماء فيه . وينظر جواب السؤال رقم: (7718).
قال أبو إسحق الشيرازي الشافعي رحمه الله في “المهذب”:
“ولا تصح الجمعة إلا في أبنية يستوطنها من تنعقد بهم الجمعة، من بلد أو قرية ، لأنه لم تقم الجمعة في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ولا في أيام الخلفاء؛ إلا في بلد أو قرية، ولم ينقل أنها أقيمت في بدو” انتهى.
وقال النووي رحمه الله في شرحه “المجموع” (4/367):
“قال أصحابنا : يشترط لصحة الجمعة أن تقام في أبينة مجتمعة ، يستوطنها شتاء وصيفا : مَن تنعقد بهم الجمعة” انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم: (283385).
أما إن كانت مجرد مزارع ، لا يقيم فيها أحد إقامة دائمة ، فلا يجب على من يوجد فيها أن يقيم صلاة الجمعة .
سئل علماء اللجنة الدائمة عن:
قوم يخرجون من المدينة للعمل في الزراعة ، ويقيمون لمدة العمل فيها في كل سنة ما لا يقل عن شهرين إلى أربعة أشهر ، ويصعب عليهم الرجوع إلى المدينة لصلاة الجمعة في مدة العمل ، فهل صلاة الجمعة واجبة عليهم ، أو جائزة لهم ؟ أو لا تجوز لهم إقامتها في محل العمل ، ويلزمهم الذهاب إلى المدينة مع التكلف ؟ أو تسقط عنهم كالمسافر ؟ وما هي المدة التي تسقط عنهم الجمعة من الأيام في الإقامة محل العمل؟
فأجابوا :
إذا كان بالمزارع التي يعملون بها جماعة مستوطنون : وجبت عليهم صلاة الجمعة تبع أولئك المستوطنين ، ولهم أن يصلوها معهم ، وأن يصلوها مع غيرهم ممن يتيسر لهم صلاة الجمعة معهم ؛ لعموم أدلة وجوبها ووجوب السعي إليها .
وإذا كان من يعملون في هذه المزارع يسمعون أذان الجمعة من قريتهم أو قرية أخرى حول مزارعهم : وجب عليهم السعي لصلاتها مع جماعة المسلمين ؛ لعموم قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) الجمعة/9.
وإذا لم يكن بهذه المزارع مستوطنون ، ولم يسمعوا أذان الجمعة من القرى التي حول مزارعهم : لم تجب عليهم الجمعة وصلوا الظهر جماعة .
فإن المدينة كان حولها قبائل ومزارع بالعوالي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر من فيها بالسعي لصلاة الجمعة ، ولو كان لنقل ، فدل ذلك على عدم وجوبها على مثل هؤلاء للمشقة من ” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ” (8 / 221 – 222).
ثانيا :
لكن .. هل يجب عليه أن يذهب إلى أقرب قرية تقام فيها الجمعة؟
هذا ينبني على المسافة التي بينه وبين المسجد الجامع.
روى أبو داود (1058) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنها عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في “فتح الباري” (2/385):
“وَالَّذِيِ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوْ كَانَ فِي قُوَّةِ السَّامِعِ ، سَوَاءٌ كَانَ دَاخِلَ الْبَلَدِ ، أَوْ خَارِجَهُ ، وَمَحَلُّهُ : -كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ – مَا إِذَا كَانَ الْمُنَادِي صَيِّتًا ، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةً ، وَالرَّجُلُ سَمِيعًا” انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
بعض المسلمين يخرجون أيام العطل خارج مدينة الرياض للنزهة غير ناوين السفر , ويأخذون معهم القليل من الماء، وعند الصلاة يتيممون بدلا من الماء بحجة قلة الماء ؟
فأجاب : ” إذا خرجوا للنزهة ، وحضرت الصلاة وليس عندهم إلا ماء قليل بقدر حاجتهم ، والماء بعيد عنهم : صلوا بالتيمم , لكن إذا حملوه معهم يكون أفضل إذا تيسر ذلك …
أما صلاة الجمعة : فلا تجب عليهم إذا كانوا بعيدين عن البلد لا يسمعون الأذان , فرسخا أو أكثر ” انتهى ملخصا .
“مجموع فتاوى ابن باز” (10/202).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :”شباب خرجوا في رحلة إلى منطقة بعيدة ، ونزلوا في مكان بعيد من البلد ، لكنهم ما زالوا يسمعون الأذان بسبب وجود المكبرات ، فهل تلزمهم الجمعة والجماعة مع أهل ذلك البلد ؟
فأجاب :”لا تلزمهم ، يعني : إذا بعدوا عن البلد بحيث لا يسمعون صوت المؤذنين ، لولا وجود مكبر الصوت : فلا تلزمهم .
وأما إذا كانوا قريبين من البلد ، بحيث لو كان المؤذنون يؤذنون بغير مكبر لسمعوه : فإنه يلزمهم” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (149/27).
وعلى هذا ؛ يقدر أن الرياح هادئة ، ليست عاصفة ، وأن لا يوجد أصوات تحول بينكم وبين سماع الأذان ، وأن المؤذن يؤذن بدون مكبر للصوت ، ففي هذه الحالة إن كنتم تسمعون أذان الجمعة وجب عليكم حضورها ، وإن كنتم لا تسمعونه ، فلا يجب عليكم حضورها ، وتصلون ظهرا في مزرعتكم .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة