عند شرائي لعملة أجنبيه بعملة محلية كنت قد حلفت على البائع أن أشتري بمبلغ أعلى من مبلغه الذي ارتضاه لنفسه، ولكن تم التقابض في المجلس على سعر أقل، وفي نيتي أن أدفع له الفرق لاحقا، مثلا دفعت 10000 جنيه مقابل 300 دولار، ثم في نيتي أن أدفع 2000 جنيه لاحقا؛ لأني حلفت وفي نيتي ذلك عند التقابض، وفعلا عندما غادر وكانت مفاتيح خزينته معي أودعت له 2000 جنيه.
فهل هناك ربا عند التقابض، يتمثل في الفرق لوجود النية من طرفي فقط؟
أولا:
يشترط لبيع العملات المختلفة بعضها ببعض، كالدولار بالجنيه: حصول التقابض في المجلس؛ لأن العملات لها ما للذهب والفضة من الأحكام.
وقد روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:
"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).
وجاء في قرار المجمع بشأن الاتجار في العملات:
"ثانيا: لا يجوز شرعا البيع الآجل للعملات، ولا تجوز المواعدة على الصرف فيها. وهذا بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ثالثا: إن الربا والاتجار في العملات والصرف دون التزام بأحكام الشريعة الإسلامية، من أهم أسباب الأزمات والتقلبات الاقتصادية التي عصفت باقتصاديات بعض الدول" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الحادي عشر ج 1، ص 431).
والقبض قد يكون حكميا لا حقيقيا، وينظر صوره في جواب السؤال رقم: (110938).
ثانيا:
إذا كان البائع قد رضي بالسعر الأقل، وتصارفتما على ذلك، فقد تم التقابض في المجلس، ولا يلزمك إعطاؤه الفرق، فإن أعطيته الفرق الآن كان هبة، ولا حرج فيها ما دام الواهب جائز التصرف، أي: بالغ عاقل رشيد يحسن التصرف في المال.
قال في "منار السبيل" (2/ 21): "باب الهبة (وهي التبرع بالمال في حال الحياة) ...
(وشروطها ثمانية:
كونها من جائز التصرف) وهو الحر المكلف الرشيد" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (42/122): "اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع؛ وذلك بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا، وأن يكون مالكا للشيء الموهوب" انتهى.
ولا يضر كونك حلفت أن تشتري منه بأعلى من هذا السعر، فحيث رضي بالسعر الأقل، فقد تم الصرف، ويلزمك كفارة يمين لحنثك.
وينظر في كفارة اليمين: جواب السؤال رقم: (45676).
رابعا:
إذا أعطيتَه الأقل، وحصل اتفاق، أو وعد منك، بإعطائه الفرق، فهذا صرف محرم؛ لتأخير جزء من البدل عن مجلس التعاقد.
وأما إذا كان ذلك في نيتك فقط، مع عدم انتظار البائع منك فرقا، ولا تعويل على مقتضى يمينك: فلا يضر ذلك، وقد تم الصرف، وما وضعته في خزينته بعد ذلك هبةٌ، كما تقدم.
والله أعلم.