أنا مدير موارد بشرية لدى شركة كبيرة بمجال المقاولات والهندسة، وعملي يقتصر على كل شيء يخص الموظفين بالشركة، ولا علاقة لي بالمشاريع، أو المناقصات، علمت بالصدفة بأنه جاء للشركة عرض طلب لبناء مستوصف، وطلبو عرض سعر ليقبلو أو ليرفضو، وقام مدير المشاريع ـ بالشركة الذي أنا موظف بها ـ بتقديم سعر لبناء المستوصف، لنفترض إنه مليون ريال، أصحاب المستوصف رفضو عرض السعر، وقالو: إنهم يريدون سعرا أقل، ومدير المشاريع لم يكترث لهم، وأنا لدي موسسة خاصة للمقاولات منذ زمن بعيد.
فهل يجوز لي أن أقدم عرض سعر لأصحاب المستوصف، وأقول لهم مثلا بأنني سأبني لكم المستوصف بمبلغ ٧٠٠ ألف؟
علما بأن مدير المشاريع بالشركة التي أنا موظف بها قد قدم لهم السعر، وهم رفضو، ولم يبادر مرة أخرى بتقديم سعر أقل؛ لأن شركتنا كبيرة، ولم يهتمو للمشاريع التي تعتبر صغيرة، علما بأنني إذا قدمت لهم العرض سيكون كل شيء شخصي، وليس للشركة أي علاقة بهذا المشروع، والعمال الذين سوف يشتغلون معي هم من خارج الشركة، عمال يعملون لحسابي، وعلما بأنه تربطني علاقة صداقة مع ابن صاحب الشركة، وهو ايضا مدير للشركة، ولم أخبره بشيء عن هذا الموضوع الذي علمته بالصدفة، علما بأن صديقي هذا ابن المالك، يمتلك مؤسسة صغيرة خاصة للمقاولات أيضا، وإذا أخبرته بالموضوع احتمال أن ياخد المشروع لحسابه الخاص.
الرجاء تفصيل الفتوى، هل يجوز أو لا يجوز شرعاً بأن أقدم طلبا لأصحاب المستوصف بسعر أقل، وأخذ أنا المشروع؟
علما بأنني إذا أخذت هذا المشروع، لن يؤثر على عملي واجتهادي وولائي بالشركة، وعند انتهاء ساعات عملي بالشركة، سوف أعمل بمشروعي الخاص.
إذا علم أن الشركة التي يعمل بها تقدمت لمشروع ورُفض بسبب السعر، فهل له أن يتقدم بسعر أقل؟
السؤال: 477258
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج في تقدّمك لهذا المشروع، وعرض سعر أقل مما عُرض على أصحاب المستوصف، إذا كان عرض شركتك قد رُفِض، وكنت ستعمل في هذا المشروع خارج الدوام، بما لا يؤثر على عملك؛ لأنه ليس في ذلك إضرار بشركتك، ولا سوم على سومها، ولا استغلال لعمالها.
وأيضا: فالتهمة بالمحاباة لنفسك هنا منتفية؛ لكون عملك لا علاقة له بالمشاريع والمناقصات.
والأصل في المعاملات الحل، حتى يوجد سبب للتحريم.
ولا يضر لو كانت المساومة مستمرة بين شركتك وأصحاب المستوصف؛ لأنه إنما يحرم السوم على سوم أخيك إذا ركن البائع للمشتري وتراضيا على الثمن.
روى مسلم (1408) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ).
قال النووي رحمه الله: ” وأما السوم على سوم أخيه: فهو أن يكون قد اتفق مالك السلعة، والراغب فيها، على البيع، ولم يعقداه، فيقول الآخر للبائع: أنا أشتريه، وهذا حرام بعد استقرار الثمن” انتهى من “شرح مسلم” (10/158).
وقال في “شرح منتهى الإرادات” (2/ 23): “(وسومٌ على سومه) أي المسلم (مع الرضا) من بائع (صريحا: محرم) لحديث أبي هريرة مرفوعا ” لا يسم الرجل على سوم أخيه رواه مسلم. فإن لم يصرح بالرضا لم يحرم؛ لأن المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة” انتهى.
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (13/119): “تجوز المساومة على السلعة؛ رعاية لحق البائع، ما لم يركن البائع إلى سوم أحد السائمين، فلا يجوز؛ رعاية لحق من رست عليه، وهذا هو المقصود بالنهي عن سوم الإنسان على سوم أخيه.
الشيخ عبد الله بن قعود … الشيخ عبد الله بن غديان … الشيخ عبد الرزاق عفيفي … الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز” انتهى.
والحاصل:
جواز تقدمك لهذا المشروع؛ لعدم وجود ما يمنع ذلك، كالسوم على سوم أخيك، أو الإجارة على إجارته، أو الشراء على شراء، أو الإضرار به.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب