إذا حلفت على عمل معين أني إذا فعلته فلن أكرره حتى تمضي عشرة أيام، ثم حلفت أنني لن أكرره حتى يمضي خمسة عشر يوما، فهل إذا كررت نفس العمل مثلا بعد سبعة أيام، هل علي كفارة واحدة، أم كفارتان؟
أقسم مرتين على ترك أمر، لكن مع اختلاف الزمن المقيّد به، فهل يلزمه كفارتان؟
السؤال: 480893
ملخص الجواب
الراجح – والله أعلم-؛ أنّ اليمينين تتداخلان، فإن حصل الحنث في الوقت المشترك بينهما كان على الحانث كفارة واحدة؛ بناء على قاعدة: إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما، دخل أحدهما في الآخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الإنسان إذا حلف مرات عديدة على أمر واحد، فإذا حنث بعد ذلك فعليه كفارة واحدة؛ لأن القاعدة تنص على أنّ:
” إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما، دخل أحدهما في الآخر غالبا ” انتهى من “الأشباه والنظائر للسيوطي” (ص126).
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
” كرر اليمين على شيء واحد، مثل إن قال: والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا. فحنث: فليس عليه إلا كفارة واحدة. روى نحو هذا عن ابن عمر. وبه قال الحسن، وعروة، وإسحاق. وروى أيضا عن عطاء، وعكرمة، والنخعى، وحماد، والأوزاعى…”.
وحكى قول من خالف في ذلك، وقال عليه كفارات بعدد الأيمان، ثم قال:
” ولنا: أنه حنث واحد أوجب جنسا واحدا من الكفارات، فلم يجب به أكثر من كفارة، كما لو قصد التأكيد والتفهيم…” انتهى من “المغني” (13/473).
وقال الشيخ الدكتور عبد الكريم بن محمد اللاحم رحمه الله تعالى:
” وجه كون الواجب كفارة واحدة إذا تعدد القسم وكان المقسم عليه واحدا: أن الأحداث من الجنس الواحد لا توجب إلا طهارة واحدة، فكذلك الأيمان من جنس واحد لا توجب إلا كفارة واحدة ” انتهى من “المطلع على دقائق زاد المستقنع – فقه الأطعمة…والأيمان والنذور والشهادات” (ص 390).
وخاصة إذا قصد باليمين الثانية تأكيد الأولى.
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:
” اختلف أهل العلم في الحالف، يكرر يمينه في الشيء الواحد مرارا، في مجلس واحد، أو مجالس متفرقة.
فقالت طائفة: تجزئه كفارة واحدة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن، وعروة بن الزبير، والزهري، ومالك ابن أنس، والأوزاعي، وأبو عبيد…
وقالت طائفة: ما لم يكفر فعليه كفارة واحدة، إذا حلف على أمور شتى، أو على شيء واحد، مراراً، في مجلس، أو مجالس، هذا قول أحمد، وإسحاق.
وقال الشافعي: عليه في كل يمين كفارة، إلا أن يريد التكرير.
وقال أصحاب الرأي: عليه يمينان إذا حلف مرتين، إلا أن يكون نوى باليمين الآخرة اليمين الأولى، فيكون عليه كفارة واحدة ” انتهى من “الإشراف” (7 / 147 – 148).
وعلى قاعدة التداخل التي سبق بيانها، فإن قسمك، بقولك: إذا فعلت هذا الأمر فلن أكرره حتى تمضي عشرة أيام، ثم حلفت أنني لن أكرره حتى يمضي خمسة عشر يوما.
فإن اليمين الأولى تدخل في اليمين الثانية، فإن فعلته بعد سبعة أيام فإنه تكون عليك كفارة واحدة.
وقد صرح بذلك جمع من أهل العلم.
قال النووي رحمه الله تعالى:
” … وإن اختلفت المدة المقيد بها، كقوله: والله لا أجامعك خمسة أشهر، ثم قال: والله لا أجامعك سنة، فالأصح أنه كاتحادها” انتهى من “روضة الطالبين” (8/259).
ويتأكد ذلك إذا قصد بالثانية تأكيد الأولى.
قال العمراني الشافعي رحمه الله تعالى:
” وإن كانت اليمينان على مدتين، فإن قال: والله لا وطئتك خمسة أشهر، والله لا وطئتك سنة.. فقد ذكرنا: أن ابتداء السنة من حين اليمين على المذهب.
فإن وطئها بعد الخمسة الأشهر، لم تلزمه إلا كفارة واحدة بكل حال؛ لأنه لم يحنث إلا في اليمين الثانية.
وإن وطئها في الخمسة الأشهر، فإن قال: أردت باليمين الثانية التأكيد، لم تلزمه إلا كفارة واحدة. وإن قال: أردت بها الاستئناف، فاختلف أصحابنا فيه:
فقال أكثرهم: هي على قولين” انتهى من “البيان” (10 / 320 — 321).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب