0 / 0
19/شعبان/1446 الموافق 18/فبراير/2025

هل دعاء الاستفتاح واجب؟

السؤال: 487702

السؤال:
في حديث المسيء صلاته، قال له النبي صلى الله عليه وسلم شرح الوضوء، وبعد ما وصل إلى الصلاة أمره أن يكبر، ويحمد، ويمجد الله تعالى، ويقرأ ما تيسر من القرآن، إلى آخر الحديث.
سؤلي: أن النبي أمره بعد التكبير أن يحمد الله، ويمجد، والمعروف أن ذلك يسمى دعاء الاستفتاح، لكن عند الجمهور والمذاهب الأربعة أن دعاء الاستفتاح سنة، فكيف يكون سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر به؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى النسائي (1136)، وأبو داود (858)، وغيرهما: عن هَمَّام، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:( إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ، حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ، كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عز وجل، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللهَ عز وجل وَيَحْمَدَهُ، وَيُمَجِّدَهُ. قَالَ هَمَّامٌ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَيَحْمَدَ اللهَ، وَيُمَجِّدَهُ، وَيُكَبِّرَهُ، قَالَ: فَكِلَاهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ: وَيَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ... ) واللفظ للنسائي.

ورواه أبو داود (857)، وغيره: عن حَمَّاد، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ فِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، فَيَضَعَ الْوُضُوءَ - يَعْنِي مَوَاضِعَهُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ…).

فقد يشير ظاهر هذه الروايات إلى أن هذا الحمد والثناء والتمجيد يقصد به دعاء الاستفتاح قبل الشروع في قراءة الفاتحة.

وقد ذهب إلى هذا الظاهر، ومن ثَمَّ القول بوجوب الاستفتاح: بعض أهل العلم من أتباع مذهب الإمام أحمد.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" وذهبت طائفة قليلة: إلى أن من ترك الاستفتاح عمداً أعاد صلاته، منهم: ابن بطة وغيره من أصحابنا، وربما حُكي رواية عن أحمد.

وقال الحكم: إذا قال: سبحان الله حِينَ يفتتح الصلاة، والحمد لله: أجزأه.

وهذا يشعر بوجوبه.

وقال إسحاق: إن تركه عمداً فهو مسيء، ولا يتبين لي إيجاب الإعادة؛ لما ذكر في غير حديث، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر قرأ فاتحة الكتاب " انتهى من "فتح الباري" (6/387).

وتقتصر بعض كتب المذهب على نسبة القول بالوجوب إلى ابن بطة رحمه الله تعالى، كما في قول الزركشي رحمه الله تعالى:

" والاستفتاح والاستعاذة مسنونان، نص عليه، محتجا بأن ابن مسعود وأصحابه كانوا لا يعرفون الافتتاح، يكبرون ويقرءون، وذهب ابن بطة إلى وجوبهما " انتهى من "شرح الزركشي" (1/547).

والكتب التي تسوق أقوال السلف والأئمة لم تنسب القول بالوجوب إلى الإمام أحمد ولا إلى من سبقه من الأئمة وسلف الأمة.

وما ذهب إليه إسحاق رحمه الله تعالى: هو الذي عليه جماهير أهل العلم؛ فهم على سنيّته وعدم وجوبه.

فابن المنذر لما ساق أقوال السلف والأئمة في الاستفتاح، لم ينقل من قال بوجوب ذلك، وختم المسألة بقوله رحمه الله تعالى:

" والذي ذكرناه هو من الاختلاف المباح الذي من عمل منه بشيء أجزأه، ولو ترك ذلك كله، ما كانت عليه إعادة، ولا سجود سهو " انتهى من "الأوسط" (3/86).

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" الاستفتاح من سنن الصلاة، في قول أكثر أهل العلم " انتهى من "المغني" (2/141).

ولم يشر إلى وجود رواية عن الإمام أحمد بوجوب ذلك.

وقال النووي رحمه الله تعالى:

" فرع في مذاهب العلماء في الاستفتاح وما يستفتح به:

أما الاستفتاح: فقال باستحبابه جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ولا يعرف من خالف فيه إلا مالكا رحمه الله، فقال: لا يأتي بدعاء الاستفتاح ولا بشيء بين القراءة والتكبير أصلا، بل يقول: الله أكبر. الحمد لله رب العالمين إلى آخر الفاتحة " انتهى من "المجموع" (3/321).

والراجح أنه سنة مستحبة وليس واجبا ؛ فلا يعلم من سلف الأمة من قال بوجوب دعاء الاستفتاح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" ولاشك أن الاستفتاح غير واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) " انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام" (2/7).

ومراده: أنه لم يرد مثل هذا النص في دعاء الاستفتاح .

وقال رحمه الله تعالى:

" وللنسائي وأبي داود من حديث رفاعة بن رافع: ( إِنَّهَا لَنْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ، وَيَحْمَدَهُ، وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ)...

قال: ( لَا تَتِمّ )، ولم يقل: لا تصح، أو لا تقبل، وفرق بين التعبيرين بين ( لَا تَتِمّ )، أو " لا تصح، أو لا تقبل "، أو ما أشبه ذلك…

( ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ ) وهذه تكبيرة الإحرام. ( وَيَحْمَدَهُ، وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ ) هذا الاستفتاح...

في هذه الرواية في حديث رفاعة فوائد:

منها: أن ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تتم به الصلاة، وتمامها هنا: يتناول الواجب والمستحب، كما سيتبين " انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام" (2 / 17).

والخلاصة:

ما ورد في بعض روايات حديث رفاعة بن رافع، من الأمر بالحمد والثناء والتمجيد، قد يشير إلى وجوب ذلك على القول المشتهر بين أهل العلم بأن كل ما ورد في هذا الحديث يعدّ من الواجبات.

لكن عدم النقل عن سلف الأمة وأئمتها القول بوجوب ذلك، وافتتاح النبي صلى الله عليه وسلم بعض صلواته بغير ذكر الحمد والثناء، كما ورد في حديث أبي هريرة المتفق عليه، هذا كله يرجّح عدم وجوب دعاء الاستفتاح.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android