0 / 0
1,39728/02/2024

ما حكم تغطية عيني البهيمة عند ذبحها؟

السؤال: 495762

بعض الناس يذبحون البهائم وهم يغطون عينيها قبل ذبحها إحسانا، لكي لا يرى السكين والبهائم المذبوحة، هل يجوز هذا العمل قبل الذبح؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لم يرد في شيء من نصوص الشرع ما يدل على أن تغطية عيني الذبيحة أمر مستحب بخصوصه، أو أنه من “السنة”، والآداب المأثورة في ذاته.

والاستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملا من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم؛ ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره بل هو أصل الدين المشروع ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (18/65).

وأما إن كان لا يعتقد أنه مستحب في ذاته، أو مأثور بخصوصه، وإنما غايته أنه من باب الرحمة بالبهيمة، عند وجود داع وسبب لذلك؛ كأن يكون السكين أو الذبائح أمامها، فيغطي عيني الذبيحة عند دعاء الحاجة إليه؛ ففي هذه الحال تكون تغطية عينيها مشروعة ومطلوبة؛ لا لخصوص الندب إلى ذلك، أو الحث عليه، بل لعموم نصوص الإحسان عند الذبح والرحمة بالذبيحة.

ففي حديث شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رواه مسلم (1955).

قال النووي رحمه الله تعالى:

” بمعنى وليُرِحْ ذبيحته، بإحداد السكين، وتعجيل إمرارها، وغير ذلك.

ويستحب أن لا يُحِدَّ السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى ولا يجرها إلى مذبحها ” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (13/107).

وعن مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا – أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا – فَقَالَ: ( وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ، وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ ).

رواه الإمام أحمد في “المسند” (24 / 359)، وصحح إسناده محققو المسند، والشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (1 / 65).

فيستفاد من عموم الأدب والندب إلى رحمة الذبيحة في هذه الأحاديث، أن البهيمة لو كانت بمكان لا يمكن كف بصرها عن السكين، أو كانت هناك ذبائح أخرى بحيث تنظر إلى المذبوحة؛ فالأدب المندوب في حق الذابح: أن يواري سكينه عن الذبيحة عند ذبحها؛ فإن لم يمكنه ذلك إلا بتغطية عينيها، شرع له ذلك.

وقد روى الحاكم في المستدرك (7563)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا أَضْجَعَ شَاةً يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحُهَا، وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( أَتُرِيدُ أَنْ ‌تُمِيتَهَا ‌مَوْتَاتٍ؟! هَلَّا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا ) .

قال الحاكم: ” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ”. اهـ. وصححه الألباني في “الصحيحة” (24).

ورواه البيهقي في “الكبرى” (19170)، من طريق الحاكم، ولفظه: : مَرَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على رَجُلٍ واضِعٍ رِجلَه على صَفحَةِ شاةٍ وهو يُحِدُّ شَفرَتَه، وهِيَ تَلحَظُ إلَيه ببَصَرِها، فقالَ:  ( أفَلا قبلَ هذا؟ أتُريدُ أن تُميتَها مَوتًا؟! ).

الخلاصة:

لم يرد ما يدل على مشروعية تغطية عين الذبيحة، بخصوصه. لكن إن كان في ذلك مزيد إحسان لها، وإخفاء لحال الذبح عن أن تراه بعينها؛ فلا بأس به. ويتأكد ذلك، إن كانت الذبيحة تنظر إليه، ولم يمكنه أن يخفي عنها سكينه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android