قرأت في كتاب “رياض الصالحين”: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من السفر دخل المسجد، وصلى ركعتين؛ شكراً لله على السلامة، فهل هذا يستحب وسنة للمرأة أيضاً؟ إذا كان نعم، فهل الأفضل لها صلاة الركعتين في المسجد اقتداءاً برسول الله صلى الله عليه وسلم أم الأفضل لها أن تصليها في بيتها؟
هل يسن للمرأة أن تصلي ركعتين عند القدوم من السفر؟
السؤال: 495769
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
يسن للمسافر إذا قدم من السفر أن يصلي ركعتين في المسجد قبل دخوله إلى منزله، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين، كما أمر بها أصحابه.
فعن كعب بن مالك رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر ضحى، دخل المسجد، فصلى ركعتين قبل أن يجلس” رواه البخاري (2922)، ومسلم (716).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما قدمنا المدينة، قال لي: (ادخل المسجد، فصل ركعتين) رواه البخاري (2921).
قال ابن بطال رحمه الله: ” قال المهلب: الصلاة عند القدوم: سنة وفضيلة؛ فيها معنى الحمد لله على السلامة، والتبرك بالصلاة أولَ ما يبدأ به في حَضَرِه.
ونعم المفتاح هي إلى كل خير، وفيها يُناجي العبد ربه تعالى.
وذلك هدى رسول الله وسنته، ولنا فيه أكرم الأسوة” انتهى من “شرح صحيح البخاري لابن بطال” (5/243).
وقال النووي رحمه الله: “وفيه استحباب الابتداء بالمسجد، وصلاة ركعتين فيه عند القدوم من السفر” انتهى من “شرح النووي على مسلم” (11/36).
ثانياً:
الذي يظهر، والله أعلم: أنّ صلاة ركعتين عند القدوم من السفر محلها المسجد، وأنها خاصة بالرجال.
فلم يرد أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كُنَّ يفعلْنَه عند رجوعهم من السفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، مع مجاورتهن للمسجد.
والروايات تدل على أن المقصود البداءة بالمسجد قبل دخول البيت، كما في الحديث: “أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا، في الضحى. فإذا قدم، بدأ بالمسجد. فصلى فيه ركعتين. ثم جلس فيه” رواه مسلم (716).
وقد بوب النووي لحديث صلاة الركعتين عند القدوم من السفر بقوله:
باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أولَ قدومه.
وهذا يدل على أنّ محلها المسجد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “ولم يحفظ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يصلي النوافل في المسجد، إلا النوافل الخاصة بالمسجد، فإنه كان يصليها في المسجد، مثل صلاة القدوم، فالإنسان إذا قدم إلى بلده سُنَّ له أن يدخل المسجد فيصلي ركعتين قبل أن يدخل البيت، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك، وأمر به أيضاً، كما في قصة جابر في بيع الجمل المشهورة لما قدم المدينة قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “هل دخلت المسجد وصليت فيه؟ ” قال: لا، قال: “ادخل فصل فيه”.
فالمشروع للإنسان إذا قدم بلده أول ما يقدم أن يذهب للمسجد ويصلي ركعتين” انتهى “مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (14/ 289).
ولعله مما يقوي اختصاص هذه الصلاة بالمسجد، وأن الرجل هو من يفعله: ما ذكره بعض أهل العلم من أن هذا كان من تمام هديه صلى الله عليه وسلم، في عدم مباغتة أهله بالقدوم، وأنه كان لا يقدم ليلا، بل يتلبث بهم، حتى يقدم عليهم نهارا، فتتمكن المرأة بذلك من التهيؤ لزوجها الغائب، ولا يباغتهم، فيقع نظره على ما يكره، أو تظن به أن يتخونها، ويباغتها بقدومه.
قال أبو العباس القرطبي، رحمه الله: “وكونه صلى الله عليه وسلم لا يقدم من سفر إلا نهارًا؛ إنما كان ذلك لأنه قد نهى أن يأتي الرجل أهله طروقًا، وقد نبه على تعليله في حديث جابر فقال: يتخونهم، ويطلب عثراتهم، وفي حديث غيره: كي تستحدَّ المغيبة وتمتشط الشعثة.
واقتصر هنا كعب على ذكر وقت الضحى، وقد رواه أنس فقال: كان لا يطرق أهله، وكان يأتيهم غدوة وعشية، وكأنه كان أكثر قدومه في أول النهار ليبدأ بالصلاة في المسجد، فكان يتأخر حتى يخرج وقت النهي”. انتهى، من “المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم” (2/ 354).
وينظر للفائدة: “زاد المعاد” لابن القيم (1/343-346).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب