سؤال: كان ينوي الجلوس للإشراق وحضرت جنازة، فهل الأفضل اتباع الجنازة أم البقاء للإشراق وهل يمكن الجمع بين الفضيلتين بالخروج مع الجنازة ثم الرجوع لما بقي من وقت الإشراق ثم إداء صلاة الإشراق؟
أيهما يقدم الجلوس للإشراق في المسجد أم اتباع الجنازة؟
السؤال: 497514
ملخص الجواب
اتباع جنازة المسلم مقدم على المكث في المسجد للذكر بعد الفجر، إلا إذا كان هذا المكث أنفع لدينه، كأن يكون مجلس علم هو في حاجة إليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سبق بيان فضل المكث في المسجد إلى طلوع الشمس، ثم صلاة ركعتين، وأن هذا الفضل مشروط بالمكث، وعدم الخروج قبل الشروق، ينظر جواب السؤال رقم (221531)، ورقم (109794).
والظاهر أن الخروج لأجل اتباع الجنازة يفوت به هذا الشرط.
فإذا تعارض اتباع الجنازة مع فضل المكث في المسجد في هذا الوقت، فقد أطلق بعض أهل العلم تفضيل اتباع الجنائز على القعود في المسجد، من غير تفصيل بين كون هذا القعود بعد الفجر أو لا.
جاء في "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" رواية إسحاق بن منصور الكوسج (3 / 1409):
" قلت: اتباع الجنازة أحب إليك، أم القعود في المسجد؟
قال: اتباعها أعجب إليَّ.
قال إسحاق: كما قال " انتهى.
ولعل وجه التفضيل أن في نفس اتباع الجنازة أجرا عظيما للمتبع، كما هو معروف؛ ثم فيها أيضا: أداء لحق المسلم على المسلم، ونفعا متعديا للغير، ولعله آخر ما ينفع به أخاه.
روى البخاري (1240) ومسلم (2162) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ؛ رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ .
ورأى بعض أهل العلم أن القعود في المسجد أفضل، إلا إذا اقترن باتباع الجنازة أمر زائد ككون الميت ذا قرابة ونحو هذا.
جاء في "البيان والتحصيل" أن الإمام مالك رحمه الله، سُئل:
" أي شيء أعجب إليك: القعود في المسجد أم شهود الجنائز؟
فقال: بل القعود في المسجد أعجب إلي، إلا أن يكون حق من جوار، أو قرابة، أو أحد ترجى بركة شهوده – يريد به في فضله فيحضره. قال ابن القاسم: وذلك في جميع المساجد.
قال محمد بن رشد: … وتفصيل مالك رحمه الله هو عين الفقه … " انتهى. "البيان والتحصيل" (2 / 224).
والظاهر أن قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى يقويه حديث: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ ...
وما رواه البخاري (13) ومسلم (45) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ .
ويستثنى من ذلك أن يكون مكثه في المسجد لأمر فيه منفعة سوى مجرد الجلوس للذكر، وصلاة الركعتين؛ كمن يمكث في المسجد بعد الفجر في مجلس علم يحتاجه ، فمجلس العلم أفضل من اتباع الجنائز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" الأجر على قدر منفعة العمل ومصلحته وفائدته، وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله.
فأي العملين كان أحسن، وصاحبه أطوع وأتبع؛ كان أفضل.
فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة؛ وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل " انتهى. "مجموع الفتاوى" (25 / 281).
سُئل الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى:
" أيهما أفضل: الجلوس في حلقات الذكر أم تشيع الجنازة؟
فأجاب: هذا يختلف باختلاف الحال، فالجنازة إذا لم تجد من يشيعها كان واجبا على الإنسان أن يمشى فيها ويسعى في تشيعها، وهذا دون شك أفضل من حلق الذكر.
وإذا وجدت من يشيعها سواه، وهو في حاجة إلى العلم؛ جلس مجلس العلم وليشيعها، من هو عندها.
فالحكم به يختلف باختلاف الحال، وباختلاف حال الإنسان وحاجته.
والبصير من يقدر الأمور ويرتبها على حسب أهميتها في الوقت والحال الكائن فيه " انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة