أنا عندما أنهض من السجود أمد يدي للجدار وأسندها عليه أو على أي شيء قريب مني ليساعدني على النهوض فهل تبطل صلاتي بذلك
هل يجوز الاستناد على شيء عند القيام إلى الركعة الثانية؟
السؤال: 497804
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
اختلف العلماء في صفة النهوض من السجود إلى القيام، هل ينهض معتمدا على يديه أو لا، وذلك لاختلاف الروايات في صفة النهوض.
قال ابن بطال رحمه الله: “اختلف العلماء في اعتماد الرجل على يديه عند القيام، فروى عن ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا أراد القيام، ويروى مثله عن مكحول، وعطاء، ومسروق، والحسن، وهو قول الشافعي، وأحمد.
ورأت طائفة أن لا يعتمد على يديه إلا أن يكون شيخا كبيرا أو مريضا، وروى ذلك عن على بن أبى طالب، وبه قال النخعي، والثوري، وكره الاعتماد ابن سيرين.
وقال الشافعي: كان عمر، وعلى وأصحاب رسول الله ينهضون في الصلاة على صدور أقدامهم، وعن ابن مسعود مثله” انتهى من شرح صحيح البخاري – ابن بطال (2/ 440).
وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: “وقد اختلف العلماء في القائم إلى الركعة الثانية من صلاة: كيف يقوم؟ فقالت طائفة: يعتمد بيديه على الأرض، كما في حديث مالك بن الحويرث (وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس، واعتمد على الأرض ثم قام” رواه البخاري (824). وهو قول مالك والشافعي وإسحاق.
وروي عن أحمد، أنه كان يفعله، وتأوله القاضي أبو يعلى وغيره على أنه فعله لعجز وكبر.
وقد روي عن كثير من السلف، أنه يعتمد على يديه في القيام إلى الركعة الثانية، منهم: عمر وعبادة بن نسي وعمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري – وقال: هو سنة الصلاة -، وهو قول الأوزاعي وغيره، ورخص فيه قتادة.
وقالت طائفة: ينهض على صدور قدميه، ولا يعتمد على يديه، بل يضعهما على ركبتيه، صح ذلك عن ابن مسعود، وروي عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، أنه قال: هو من سنة الصلاة، وعن ابن عمر –أيضا – وابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو قول النخعي والثوري وأبي حنيفة وأحمد.
وحكى ابن المنذر عن أحمد الاعتماد على يديه، وهو خلاف مذهبه المعروف عنه.
والأكثرون على أنه لا تلازم بين جلسة الاستراحة والاعتماد، فقد كان من السلف من يعتمد ولا يجلس للاستراحة، منهم: عبادة بن نسي، وحكاه عن أبي ريحانة الصحابي.
وهذا مذهب أصحاب الشافعي وأحمد؛ فان أصحاب الشافعي قالوا: يعتمد، سواء قلنا: يجلس للاستراحة أو قلنا لا يجلس. وقال أصحاب أحمد: لا يعتمد، سواء قلنا: يجلس، أو قلنا: لا يجلس، وحملوا حديث مالك بن الحويرث على أنه فعل الاعتماد لحاجته أليه: لضعف أو كبر ونحو ذلك. انتهى باختصار من “فتح الباري لابن رجب” (7/ 291).
ثانياً:
من قال بعدم الاعتماد على اليدين (كما هو مذهب الحنابلة)؛ فإنهم يرون مشروعية الاعتماد إذا شق على الشخص القيام بدونه.
قال ابن قدامة رحمه الله: “يعني: إذا شق عليه النهوض على الصفة التي ذكرناها (الاعتماد على الركبتين)، فلا بأس باعتماده على الأرض بيديه، لا نعلم أحدا خالف في هذا، وقد دل عليه حديث مالك بن الحويرث، وقول علي رضى الله عنه: إلا أن يكون شيخا كبيرا.
ومشقة ذلك تكون: لكبر، أو ضعف، أو مرض، أو سمن، ونحوه” انتهى من” “المغني” (2/ 215).
ثالثاً:
إذا شق على المصلي القيام إلى الركعة باعتماده على يديه، جاز له الاعتماد على شيء خارجي من كرسي أو جدار أو عصا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “إذا احتاج أن يعتمد عند القيام على يديه فليعتمد، على أي صفة كانت، سواء اعتمد على ظهور الأصابع، أي جميع أصابعه، أو على راحته، أو غير ذلك، المهم أنه إذا احتاج إلى الاعتماد فليعتمد، وإن لم يحتج فلا يعتمد” انتهى من “مجموع فتاوى العثيمين” (13/ 182).
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب