قمت بشراء منزل منذ عشرة أيام، وقد تم الاتفاق على دفع مبلغ مقدما، والباقى عند الاستلام، وتم تحرير عقد بيع ابتدائى، وتم وضع شرط جزائي لمن يتراجع عن البيع، والآن يريد البائع التراجع عن البيع، وهو موافق على دفع الشرط الجزائي، فما هو حكم هذا الشرط الجزائي؟
ما حكم الشرط الجزائي عند فسخ البيع؟
السؤال: 502550
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا حرج في اتفاق المتبايعين على أن من يفسخ البيع يدفع مبلغا من المال، بشرط ألا يوجد ما يوجب الفسخ كخيار العيب.
وذلك أن الأصل لزوم البيع، وأنه لا يفسخ إلا برضا الطرفين، فلكل طرف أن يمنع الفسخ من جهته.
فإذا اتفقا على أن الفاسخ يدفع مبلغا، فلا حرج؛ لأن الأصل في الشروط الصحة، ما لم يوجد محذور شرعي، والشرط الجزائي جائز في غير الديون؛ لأنه لا محذور فيه.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وقال البخاري في صحيحه: ” وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: أدْخِل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج؟
فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه” انتهى من “صحيح البخاري”، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوصه ما يلي: “يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح” وينظر: نص القرار بتمامه في جواب السؤال رقم: (112090).
فلو شرط البائع: أنه إذا تأخر المشتري في سداد ما عليه أنه يدفع مبلغا، كان شرطا ربويا محرما.
وأما شرط البائع أو المشتري أن من يفسخ العقد يدفع مبلغا، فلا محذور فيه.
وعليه؛ فإذا تراجع البائع عن البيع، فلا حرج أن تأخذ المبلغ المتفق عليه.
ثانيا:
إذا لم يتفق البائع والمشتري على تغريم الفاسخ، ثم أراد أحدهما الفسخ بلا موجِب، جاز للطرف الآخر أن يطلب مبلغا، وهذا من باب الإقالة بأكثر – أو أقل – من الثمن، وذلك جائز على الراجح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” وكذلك ـ أيضاً ـ لو أن البائع طلب من المشتري الإقالة، فقال: أقيلك على أن تعطيني كذا وكذا زيادة على الثمن…
القول الراجح أنها تجوز بأقل وأكثر، إذا كان من جنس الثمن؛ لأن محذور الربا في هذا بعيد، فليست كمسألة العينة؛ لأن مسألة العينة محذور الربا فيها قريب، أما هذه فبعيد.
وقد قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في القواعد: إن للإمام أحمد رواية تدل على جواز ذلك، حيث استدل ببيع العربون الوارد عن عمر رضي الله عنه، وقال: الإقالة بعوض مثله.
وعليه؛ فيكون هناك رواية أومأ إليها الإمام أحمد بجواز الزيادة على الثمن، والنقص منه.
وهذا هو القول الراجح، وهو الذي عليه عمل الناس، وهو من مصلحة الجميع؛ وذلك لأن البائع إذا أقال المشتري، فإن الناس سوف يتكلمون ويقولون: لولا أن السلعة فيها عيب ما ردها المشتري، فيأخذ البائع عوضاً زائداً على الثمن من أجل جبر هذا النقص” انتهى من “الشرح الممتع” (8/390).
والحاصل: جواز هذا الشرط، وأن لك العمل به إذا أراد البائع الفسخ.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة