اعمل في مجال توزيع المرطبات حيث مقر الشركة يبعد 25 كم فاسوق الشاحنة في حدود 35 كم بعيدا عن قريتي وارجع إلى منطقة أخرى تبعد 30كم بعدما امر بقريتي من الجهة الاخرى إلى أن يأتي نهاية اليوم وقد قدت المركبة بحوالي أكثر من 100كم.
هل يجوز لي الجمع والقصر للصلاة؟
وجزاكم الله خيرا.
هل يترخص برخص السفر من يتنقل بين عدة مناطق مرورا ببلده؟
السؤال: 504042
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
جمهور الفقهاء على أن مسافة القصر التي يجوز للمسافر أن يقصر فيها هي 80 كم بالتقدير المعاصر للمسافات، تبدأ من آخر بنيان البلد التي يسافر منها.
قال النوويُّ رحمه الله: “مَذْهبنا: أنَّه يجوز القصرُ في مرحلتين، وهو ثمانية وأربعون مِيلًا هاشميَّة، ولا يجوزُ في أقلَّ من ذلك، وبه قال ابنُ عُمرَ، وابنُ عبَّاس، والحسنُ البَصريُّ، والزُّهريُّ، ومالكٌ، والليثُ بنُ سَعدٍ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ” انتهى من “المجموع” (4/325).
وقال ابن قدامة رحمه الله: “فمذهب أبي عبد الله-الإمام أحمد- أن القصر لا يجوز في أقل من ستة عشر فرسخا، والفرسخ: ثلاثة أميال، فيكون ثمانية وأربعين ميلا، قال القاضي: والميل: اثنا عشر ألف قدم، وذلك مسيرة يومين قاصدين” انتهى من “المغني” (3/ 106).
وتقدير ذلك بالكيلو متر نحو ثمانين كيلو متر تقريباً .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في تقدير السفر: ” الذي عليه جمهور أهل العلم: أن ذلك يقدر بنحو ثمانين كيلو تقريبا بالنسبة لمن يسير في السيارة ، وهكذا الطائرات ، وفي السفن والبواخر ، هذه المسافة أو ما يقاربها تسمى سفرا ، وتعتبر سفرا في العرف فإنه المعروف بين المسلمين ، فإذا سافر الإنسان على الإبل ، أو على قدميه ، أو على السيارات ، أو على الطائرات ، أو المراكب البحرية ، هذه المسافة أو أكثر منها فهو مسافر ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (12/267).
ثانياً:
يبدأ حساب المسافة من مفارقة بنيان البلد التي يسافر منها.
قال مالك في الرجل يريد سفرا: “إنه يتم الصلاة حتى يبرز عن بيوت القرية، فإذا برز قصر الصلاة” انتهى من “المدونة” (1/ 206).
وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: “فابتداء سفره بمفارقة العمران” انتهى من “المجموع شرح المهذب” (4/ 347).
وقال ابن قدامة رحمه الله: “ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره. وبهذا قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور” انتهى من “المغني” (3/ 111).
ثالثاً
المسافة المعتبرة للترخص برخص السفر هي التي تكون بين البلد التي خرج منها والتي يقصدها، ولا تحسب مسافة العودة منها، ولا يؤثر كونه يتنقل بين عدة مناطق ويمر بعدة قرى ما دام غايته الأخيرة تكون المسافة إليها ما يعادل 80 كيلو ذهاباً، ولا عبرة بمسافة العودة.
جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (25/ 29): “ولا تحسب من هذه المسافة مدة الرجوع اتفاقا. فلو كانت ملفقة من الذهاب والرجوع لم تتغير الأحكام” انتهى. أي ليس له الترخص برخص السفر.
رابعاً:
إذا كانت مسافة تنقلك بين المناطق تزيد على 80 كم، ولكنك تمر خلالها ببلدك فإن أحكام السفر تنقطع بمرورك ببلدك.
قال المواق المالكي رحمه الله: “ويقطعه مروره بوطنه، أو ما في حكم وطنه” انتهى من “التاج والإكليل” (2/ 499).
وقال النووي رحمه الله: “في انتهاء السفر الذي تنقطع به الرخص: قال أصحابنا: يحصل ذلك بثلاثة أمور (الأول) العود إلى الوطن . قال أصحابنا : وضابطه أن يعود إلى الموضع الذي شرطنا مفارقته في إنشاء السفر منه، فبمجرد وصوله تنقطع الرخص” انتهى “المجموع شرح المهذب” (4/ 350).
وقال البهوتي: “ويتم المسافر إذا مر بوطنه”، قال الشيخ ابن قاسم، رحمه الله في “حاشيته”: وفاقا لأبي حنيفة، وقول لمالك، ولو لم تكن له به حاجة، غير أنه طريقه إلى بلد يطلبه” انتهى من “حاشية الروض المربع لابن قاسم (2/ 392).
خامساً:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن المعتبر في السفر الذي يجوز فيه الترخص هو ما كان في عرف الناس سفرا، ولو كان أقل من 80 كم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “والحجة مع من جعل القصر والفطر مشروعا في جنس السفر، ولم يخص سفرا من سفر.
وهذا القول هو الصحيح؛ فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر. قال تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر” انتهى من مجموع الفتاوى (24/ 109):
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن مقدار المسافة التي يقصر فيها المسافر الصلاة وهل يجوز الجمع دون قصر؟
فأجاب : المسافة التي تقصر فيها الصلاة حددها بعض العلماء بنحو ثلاثة وثمانين كيلو مترا ، وحددها بعض العلماء بما جرى به العرف أنه سفر، وإن لم يبلغ ثمانين كيلو مترا ، وما قال الناس عنه : إنه ليس بسفر ، فليس بسفر، ولو بلغ مائة كيلو متر .
وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد مسافة معينة .
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ” انتهى من في “فتاوى أركان الإسلام” (ص:381).
ولا يظهر أن المسافة التي ذكرتها بين قريتك ومقر عملك: تعد سفرا عرفا؛ فإن شرط البناء على العرف: أن يكون منضبطا، مطردا؛ لا يختلف فيه أهله.
فإذا لم يطرد العرف عندكم بأنه هذا سفر، يتأهب الناس له أهبة السفر؛ فلا تقصر في هذه المسافة، والأصل إتمام الصلاة حتى تعلم أنك مسافر.
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب