دعا الشيخ في الصلاة بقوله اللهم استأنف العفو واعف وعنا وعندما سألته عن هذا الدعاء افاد بان كلمة استأنف في اللغه لها معان كثيرة ومنها ابدأ العفو
فهل هذا صحيح وهل هذه الصيغة صحيحة ؟
ما حكم الدعاء بقولنا: (اللهم استأنف العفو واعف عنا)؟
السؤال: 507334
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز الدعاء بقول: "الله استأنف العفو"، أي ابدأ العفو؛ لما فيه من سوء الأدب مع الله، وكفران النعمة، والقول على الله بلا علم؛ فإن الله تعالى هو العفو الغفور، وعفوه متصل بعبده لم ينقطع، وإلا فلو آخذه بذنبه لأهلكه.
فقوله: يا رب ابدأ العفو، مدار معناه على أنه لم يعف من قبل، أو أن عفوه انقطع، ويريد الداعي استئنافه، وهذا كله باطل، والله لم يقطع عفوه عن عباده، ومن زعم غير ذلك فقد افترى على الله وقال عليه بلا علم.
قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى/30
وقال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) فاطر/45
قال ابن القيم رحمه الله في القصيدة النونية (2/ 81):
وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى … لَوْلاَهُ غَارَ الأرْضُ بِالسُّكَّانِ
وقال تعالى: (إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) النساء/ 43
قال السعدي رحمه الله في تفسيره (5/300) : "العفو، الغفور، الغفار: الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً" انتهى.
ومع ما في هذا الدعاء من سوء الأدب مع الله، جل جلاله، والقول عليه بغير علم؛ ففيه من الجهل وضيق العطن، ما ينبغي أن يدعه من كان له مُسْكَةٌ من عقل؛ وكان يكفي مراجعته في ذلك، حتى يعلم سوء اختياره، وغفلته.
وقديما ما قال الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى، في بعض من تكلم في العلم: " هل يستطيع أحد كمل عقله وعلمه لو تخاطأَ أن يأتي بأكثر من هذا في الحكم بعينه؟!". انتهى، من "الأم" (4/79).
ثم ما الحامل للإنسان على أن يخترع دعاء لم يسبق إليه؟!
أهو "التكلف"؟!
فقد نهينا عن التكلف، والتشقيق؟
أم هو الإغراب؟!
فمن الغريب يفر العاقل، الناصح لنفسه، لا سيما في مقام العبودية، وما يلائم الأدب مع رب العالمين.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (215106) ورقم (266729)
وقد روى أحمد (25384) والترمذي (3513) وابن ماجه (3580)
عن عَائِشَة قالت: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (تَقُولِينَ: اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي) وصححه الألباني.
وعند الترمذي: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ، لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ " الحديث.
وليعلم هذا الجاهل، أن القول على الله تعالى بلا علم محرم، وقد قرنه الله بالشرك لبيان عِظَم تحريمه، فقال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.
وقال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) الاسراء/36
فمن أين له أن عفو الله انقطع حتى يُستأنف، أو أنه عُدم حتى يُبتدأ؟
فهذا كذب وافتراء على الله، تعالى الله عن قوله علوا كبير، بل هو العفو الكريم، ونحن نتقلب في عفوه وكرمه وإحسانه.
فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى من هذا الدعاء المحرم، بالكف عنه، والندم عليه، والعزم على ألا يعود إليه.
ومن تمام توبته أن يبين لمن يصلي معه أنه دعاء محرم، وافتراء وكذب على الله.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة