أريد أن أسأل عن حكم كسب المال من التسويق بالعمولة بهذه الطريقة: هناك شركة تدفع للناس مقابل كل تحميل، معناه إذا رفعت أنت كتاب عندهم أو ملفا ما، وحمله شخص ما تربح، وهم يحسبون على ألف شخص، حسب الدول، فهناك دول إذا حمل منها 1000 شخص تأخذ 10 دولار، وهناك من تأخذ دولارين، وهكذا أي حسب مكان تواجد الشخص الذي يحمل الملف، المهم هم لديهم نظام تسويق بالعمولة، أي عندما تحيل أحدا لموقعهم، ويسجل عبر رابطك ،ثم يربح مالا تأخذ 10 % من أرباحه، هذا هو بالضبط المكتوب عندهم في الموقع. "عندما يتم تسجيل المستخدم باستخدام رابط الإحالة الخاص بك، سيتم إضافة 10٪ من أرباحه إلى حسابك". فما حكم هذا، هل هو حلال أو حرام؟
ما حكم السمسرة المتبادلة بين العميل وصاحب السلعة؟
السؤال: 508660
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سؤالك يتضمن مسألتين:
الأولى: حين تكون الشركة مسوقة لمنتج العميل الذي يضع الملفات في الموقع.
والثانية: حين يكون الشخص مسوقاً لمنتجات الموقع، مقابل عمولة.
أما المسالة الأولى:
وهي وضع الشركة ملفك على موقعها، مقابل أن تعطيك مبلغا متفقاً عليه، على حسب عدد الأشخاص المحملين لملفك، فهذا جائز، وهو نوع من أنواع التسويق (السمسرة) أو الجعالة، فيكونون مسوقين لملفك، ويأخذون هم ربحهم: إما عن طريق فرض رسوم على تحميل الملفات. أو يكون ربحهم من كثرة الداخلين لموقعهم، للاستفادة من ذلك لأغراض إعلانية ونحوها.
وأنت بالمقابل تأخذ مبلغا متفقاً عليه على كل عدد من الداخلين على ملفك.
وأما المسألة الثانية:
وهي جلب عملاء للموقع من خلال رابطك الخاص، ويعطيك مقابلا ماليا على حسب عدد الزائرين الداخلين موقعه من خلالك.
ففي هذه الحالة تكون أنت سمسارا للموقع، ومادام أن الموقع لا يشترط عليك رسوما، أو شراء سلعة لتكون مسوقاً، ومنتجاته خالية من المحرمات: فهذا جائز وهو صورة من صور التسويق المباحة (السمسرة).
وعليه؛ فإن ما يشترطه الموقع على نفسه من إعطاء من يضع منتجه في موقعه، أو من يجلب له عميلا: لا بأس به.
قال الإمام البخاري – رحمه الله – في "صحيحه": "ولم ير ابن سيرين، وعطاء، وإبراهيم، والحسن بأجر السمسار بأسًا، "صحيح البخاري (2/794) ت: مصطفى البغا" (2/ 981).
وقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره: فهو عليه" انتهى من "صحيح البخاري، ت: مصطفى البغا" (2/ 981).
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن أجر السمسار فقال: لا بأس بذلك" "المدونة" (3/466).
وقال ابن قدامة رحمه الله: "إذا قال : بع هذا الثوب بعشرة ، فما زاد عليها فهو لك: صح…، وكان ابن عباس كان لا يرى بذلك بأسا ، ولأنه يتصرف في ماله بإذنه ، فصح شرط الربح له ، كالمضارب والعامل في المساقاة " انتهى من "المغني" (7/261).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 129) : "إذا حصل اتفاق بين الدلال والبائع والمشتري على أن يأخذ من المشتري أو من البائع أو منهما معا سعيا معلوما: جاز ذلك، ولا تحديد للسعي بنسبة معينة، بل ما حصل عليه الاتفاق والتراضي ممن يدفع السعي جاز" انتهى.
والسمسرة صورها كثيرة متعددة، والأصل فيها الجواز إلا ما ثبت منعه بالدليل؛ لأنّ الأصل في المعاملات الحل، ولا يلزم أن يكون لكل معاملة حادثة صورة وتكييف مطابق لصورة سابقة عند الفقهاء رحمهم الله، فالشريعة وضعت ضوابط وميزاناً للمعاملات تقاس به الأمور؛ فما كان على وفقها فهو حلال، وما خالفها فهو حرام.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تلك الضوابط بالسؤال التالي:
"السؤال: الأصل في المعاملات الحل والإباحة كما في القاعدة الفقهية.
لكن -يا شيخ- ما هي أسباب تحريم المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية، والتي يصل بها المجتهد إلى الحكم على المعاملة الفلانية على أنها محرمة شرعاً؟
الجواب: هذا يدور على ثلاثة أشياء: الظلم، والغرر، والربا، كلها تدور على هذه الثلاثة.
الظلم: كالغش مثلاً، والغرر كبيع المجهول، والربا كبيع درهم بدرهمين، هذا هو أصل التحريم في المعاملات، يعني يدور على هذه القواعد الثلاث، ثم طبق كل جزئية على هذه القواعد" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (اللقاء 223/ 32 بترقيم الشاملة).
وسبق في الموقع بيان أحكام السمسرة بياناً شافيا يحسن الرجوع إليه:
أحكام السمسرة (الوساطة التجارية)
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب