الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجب التحقق من شرعية هذه الصكوك، وهي بحسب ما تمثله، فإن كانت سندات أو أذونات خزانة، فإنها تمثل نقودا، ويحرم تداولها لأنه ربا، وينظر: جواب السؤال رقم 257560
وإن كانت صكوك إجارة، وقد اشتُريت الأعيان التي تؤجر، فهي تمثل حصة من الأعيان المؤجرة، وهذه لا حرج في بيعها.
وإن كانت صكوك مضاربة: فيجب التحقق من شرعية المضاربة .
ثم إن كانت نقود المضاربة لم تُشتر بها السلع، حرم بيع هذه النقود بأعلى أو أقل منها؛ لأن ذلك ربا.
وإن كانت نقود المضاربة دخلت في شراء سلع، فلا حرج في بيع الصك.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن صكوك المقارضة (أي المضاربة):
" العنصر الثالث: أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب، باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات، مع مراعاة الضوابط التالية:
1- إذا كان مال القراض المجتمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً، فإنَّ تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتُطبق عليه أحكام الصرف.
2- إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام التعامل بالديون.
ج- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع، فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة، وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع.
أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً، فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في الدورة القادمة" انتهى من مجلة المجمع (ع 4، ج3 ص 1809)
ثانيا:
إذا تبين أن الصكوك مما يجوز بيعه، فهذا التمويل له صورتان:
1-أن يشتري البنك الصكوك، وتحوّل إلى محفظته، ثم يبيعها بالتقسيط والربح على العميل، فهذه مرابحة جائزة، بشرط خلو العقد من شرط محرم، كشرط غرامة على التأخر في سداد الأقساط.
ولابد أن تتحول الصكوك إلى محفظة البنك أولا، قبل بيعها على العميل، حتى يتحقق قبض البنك لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: إِذَا اشْتَرَيْتَ مَبِيعاً فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ رواه أحمد (15316) والنسائي (613) وصححه الألباني.
ولفظ أحمد: عن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا ، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ ؟ قَالَ: فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَه. وصححه شعيب في تحقيق المسند.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ رواه البخاري (2132)، ومسلم (1525)، وزاد: قال ابن عباس: "وأحسب كل شيء مثله".
أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
سئل الدكتور سليمان الماجد حفظه الله، ما نصه:
" لدي معاملة المرابحة الإسلامية في بنك البلاد عن طريق الأسهم الوطنية، وقد فرضوا علي مبلغ 1000 ريال رسوماً إدارية، فما حكم هذه الرسوم؟ وما حكم هذه المعاملة؟ وهل هي من باب التورق الإسلامي؟ وجزاكم الله خيرا.
فأجاب فضيلته: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الطريقة الصحيحة للتورق بالأسهم: أن يشتري البنك الأسهم من الشركات النقية، ويضعها في محفظته، ثم يبيعها عليك، ويضعها في محفظة باسمك، ثم تتولى أنت بيعها على طرف ثالث غير البنك؛ ولا يؤثر في ذلك أخذ البنك منك زيادة عن سعر النقد أو رسوماً إدارية.
وإن كان البنك يتولى جميع هذه العمليات فلا يجوز إجراؤها. والله أعلم" انتهى من موقع الشيخ
وسئل الدكتور محمد سعود العصيمي حفظه الله: "هل طريقة بيع المرابحة للآمر بالشراء بواسطة بنك الراجحي طريقة شرعية؟ وذلك بشراء أسهم لشركات نقية.
فأجاب: نعم، بل هو من البنوك القليلة التي تتشرط نقل الأسهم إلى محفظة البنك الخاصة، قبل نقلها إلى محفظة العميل، وهذا لا شك هو المطلوب شرعا.
وما تفعله بعض البنوك التجارية الأخرى لا يجوز، وهو نقل الأسهم من نظام تداول، إلى محفظة العميل مباشرة، والواجب نقلها إلى محفظة البنك حتى يتحقق القبض الشرعي لها. والله أعلم" انتهى
وإذا تملك العميل الصكوك، وأراد بيعها، فإنه يبيعها بنفسه، ولا يوكل البنك في ذلك.
2-ألا يشتري البنك الصكوك لنفسه، وإنما يدفع ثمنها عن العميل، ثم يطالبه بالثمن مقسطا بزيادة، وهذا قرض ربوي محرم، وهذا هو ما تقوم به البنوك الربوية.
وقولك: " وبعدها تقوم شركة الصكوك بنقل الصكوك للمتعامل": يفهم منه أن البنك لم يشتر الصكوك لنفسه؛ وإلا لنقلتها الشركة للبنك.
فإن لم يشتر البنك الصكوك لنفسه أولا، فالمعاملة مجرد تمويل ربوي محرم، كما سبق ذكره.
فيجب التحقق من صحة المرابحة، وعرض العقد على من يوثق به من أهل العلم.
والله أعلم.