0 / 0

هل يجوز أن يطلب من غير المسلم الحلف بما يعظمه؟

السؤال: 509477

رجل متزوج من نصراينة
و حدث بينهم مشكلة و حلفت له انها لم تفعل شي معين
فلم يصدقها و قال لها احلفي بيسوع ان كنتي صادقة
لم يقصد تعظيم سيدنا عيسى اكثر من تعظيم الله عياذا بالله
فهل يكون كافرا بذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

لا يجوز الحلف إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ  رواه أبو داود (3251) والترمذي (1535) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ "، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (8 / 189).

قال ابن القيم رحمه الله :

" – ومن الكبائر- الحلف بغير الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف بغير الله، فقد أشرك )، وقد قصّر ما شاء أن يقصر من قال: إن ذلك مكروه، وصاحب الشرع يجعله شركا ؛ فرتبته فوق رتبة الكبائر" انتهى من "إعلام الموقعين" (6 / 571 – 572).

وهذا الحديث بعمومه يشمل المسلم والكافر ، لأن الكافر مخاطب بفروع الشريعة ، أي : بأحكامها . ومن أحكام الشريعة : أنه لا يجوز الحلف بغير الله .

قال ولي الدين العراقي رحمه الله :

" والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، فيحرم عليهم الحرير، كما يحرم على المسلمين " انتهى ، " طرح التثريب " ( 3 / 227 ) .

وبناء على هذا ؛ فلا يجوز لأحد أن يطلب من أحد أن يحلف بغير الله ، حتى ولو كان الحالف غير مسلم . فلا يجوز أن يطلب منه أن يحلف بإلهه الذي يؤمن به ويعظمه .

وقد ذكر العلماء أن الكافر إذا توجهت عليه اليمين ، فإنه لا يحلف إلا بالله ، كاليهود والنصارى ، والمجوس ، بل وكذلك الملحدون الذين لا يؤمنون بوجود الله ، لا يطلب منهم الحلف إلا بالله .

قال خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله في "مختصره" (ص 228) :

" وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إله إلا هو؛ وَلَوْ كِتَابِيًّا " انتهى .

قال الخرشي رحمه الله في شرحه (7/237) :

"الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ هَذَا اللَّفْظَ، كَالْمُسْلِمِ …

وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ، فَقَطْ" انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

"فَإِنَّ الْيَمِينَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ جَمِيعًا بِاَللَّهِ تَعَالَى ، لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ بِغَيْرِهِ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ حَالِفًا ، فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ " انتهى، المغني (14/223) .

وقال الحصكفي الحنفي رحمه الله في "الدر المختار" (11/617) :

"والوثني : بالله تعالى [أي : ويحلف الوثني بالله تعالى] ، لأنه يقر به، وإن عبد غيره.

وجزم ابن الكمال بأن الدهرية لا يعتقدونه تعالى.

قلت: وعليه؛ فبماذا يحلفون؟" انتهى.

وهذا السؤال أجاب عليه علاء الدين في تكملة حاشية أبيه (ابن عابدين) فقال :

"قلت: يحلفون بالله تعالى؛ لما في معراج الدراية عن المبسوط: الحر والمملوك والرجل والمرأة والفاسق والصالح والكافر والمسلم في اليمين سواء؛ لأن المقصود هو القضاء بالنكول، وهؤلاء في اعتقاد الحرمة في اليمين الكاذبة سواء" انتهى، "تكملة حاشية ابن عابدين" (11/618) .

وقال القاضي شهاب الدين ابن أبي الدم الشافعي في كتابه (أدب القضاء 1 / 553 ، 554) "إن كان الحالف دهريا لا يعتقد خالقا ولا معبودا، أحلفه بالله الخالق الرازق.

فإن قيل: فهو لا ينزجر بها فما الفائدة؟

قلنا: فيه فائدتان:

إحداهما: إجراء حكمنا عليهم، قال الله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ.

والثانية: أن يزداد بها إثما، ويدركه شؤمها، فربما يتعجل بها انتقاما" انتهى.

ثالثا :

إذا طلب المسلم من غير المسلم أن يحلف بإلهه ولم يقصد بذلك تعظيم ذلك الإله ، فقد ارتكب محرما ، ولكنه لا يكون كفرا أكبر .

لأن الحلف بغير الله كفر أصغر، وليس كفرا أكبر .

وقد يكون كفرا أكبر إذا قصد تعظيم ذلك المحلوف به مثل تعظيم الله أو أكثر .

والغالب أن المسلم الذي يفعل ذلك إما أن يكون جاهلا بتحريم ذلك ، وإما أن يكون متأولا ، يظن أن ذلك جائز في حق الكافر حتى لا يكذب .

وفي تلك الحالتين لا يكون المسلم عاصيا ، ولكنه بعد أن يعلم الحكم الشرعي يجب عليه الكف عن ذلك ، فلا يطلب اليمين إلا بالله .

وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (308866) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android