اعتمرت حتى انتهيت من السعي. ثم شرعت في حلاقة شعري ولكن تعطلت ماكينة الحلاقة عندما وصلت لنصف الرأس تقريبا، فغطيت النصف الغير محلوق بإزار حتى ذهب للحلاق لأكمل حلاقة رأسي.
هل أكون ارتكبت محظورا بتغطية رأسي ويكون علي فدية، وما هي؟ ام اكون قد تحللت بمجرد الشروع في الحلاقة ولا شيء علي؟
ما حكم تغطية المحرم رأسه قبل إتمام الحلق؟
السؤال: 510044
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
تغطية الرأس من محظورات الإحرام على الرجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة وهو محرم: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلا تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.
رواه البخاري (1267) ومسلم (1206).
ومعنى: (لا تخمروا رأسه) أي: لا تغطوه.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ ، وَلا الْعَمَائِمَ ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ ، وَلا الْبَرَانِسَ ، وَلا الْخِفَافَ رواه البخاري (1542) ومسلم (1177).
ثانياً:
اختلف أهل العلم في القدر المُجزئ في الحلق أو التقصير، فذهب الأحناف إلى أنه إذا حلق أو قصر ربع الرأس فأكثر؛ أجزأه.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (18/ 98):
"اختلفوا في أقل ما يجزئ من الحلق فذهب المالكية والحنابلة: إلى أنه لا يجزئ حلق بعض الرأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه، فكان تفسيرا لمطلق الأمر بالحلق. فوجب الرجوع إليه.
ويرى الحنفية أن من حلق أقل من ربع الرأس لم يجزه، وإن حلق ربع الرأس أجزأه، ويكره.
أما الجواز، فلأن ربع الرأس يقوم مقام كله في القُرب المتعلقة بالرأس، كمسح ربع الرأس في باب الوضوء.
وأما الكراهة: فلأن المسنون هو حلق جميع الرأس وترك المسنون مكروه.
وقال الشافعية: أقل ما يجزئ ثلاث شعرات حلقا أو تقصيرا، من شعر الرأس.
وقال النووي: فتجزئ الثلاث بلا خلاف عندنا. ولا يجزئ أقل منها" انتهى.
وسبق بيان ما رجحنا في الموقع من أن الأحوط حلق أو تقصير جميع الرأس. فليرجع إليه (82077).
وعليه، فإن كنت فعلت ذلك جهلا بالحكم، أو متأولا؛ تظن أنه يجوز لك تغطية الرأس فلا شيء عليك.
وإذا كنت فعلت ذلك وأنت تعلم أنه محرم ، فعليك فدية الأذى؛ وعمرتك صحيحة.
وفدية الأذى على التخيير: ذبح شاة ، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو صيام ثلاثة أيام ؛ لقوله تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ البقرة/196 .
ولحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه لما احتاج أن يحلق رأسه وهو محرم ، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً البخاري (4190).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فاعل المحظورات ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يفعلها لحاجته إليها، فهذا ليس عليه إثم ولكن عليه الفدية، أو الكفارة.
القسم الثاني: أن يفعلها ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، فهذا ليس عليه شيء، لا إثم ولا فدية، ولكن متى زال عذره وجب عليه التخلي، فإذا كان ناسياً فإنه متى ذكر يجب عليه أن يتخلى عن المحظور، وإذا كان جاهلاً فمتى علم وجب عليه أن يتخلى عن المحظور.
القسم الثالث: أن يفعلها لا لحاجة ولا لعذر من جهل أو نسيان أو إكراه، فهذا آثم وعليه الفدية فيما تجب فيه الفدية" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (56/ 8 بترقيم الشاملة).
والأقرب لحالك: أنه لا شيء عليك، إن شاء الله؛ لا سيما والمسألة فيها خلاف معتبر، كما سبق بيانه، وينبغي أن تنتبه وتحتاط لنفسك، فيما بعد.
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب