ما حكم إجراء القرعة التي يدفع المشاركون مبلغا معينا، وكل منهم سيحصل على هدية من القرعة، قيمتها أكبر من المبلغ الذي دفعه؟ رأيته كأنه قمار؛ لأنهم يدفعون مالا ،ولا يعلمون ماذا سيحصلون عليه، ولكن ليس هناك غرم؛ لأن كل الهدايا قيمتها أكبر من الرسوم.
يدفع اشتراك ليحصل على هدية بالقرعة قيمتها أكثر؟
السؤال: 512356
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
القمار ما دار بين الغنم والغرم.
قال البجيرمي رحمه الله: “والميسر: هو القمار، وهو ما يكون فعله مترددا بين أن يغنم وأن يغرم” انتهى من “حاشية البجيرمي على شرح المنهج” (4/ 376).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “فهذا الميسر – وهو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم – لا يدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم بل هو من كبائر الذنوب ولا يخفى على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام” انتهى من “فتاوى إسلامية” (4/ 441).
فإذا انتفى الغرم، فلا قمار، أي إذا كان الأمر يدور بين السلامة والغُنم، فلا قمار، وأولى لو كان الجميع غانما، ولا يضر كون الغنم مترددا بين شيء وأعلى منه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هو: “يوجد لدينا بنشر (محل لإصلاح إطارات السيارات) ومغسلة، طبعنا كروتا كتب عليها: اجمع أربع كروت من غيار الزيت والغسيل، واحصل على غسلة لسيارتك مجانا، هل في عملنا هذا شئ محذور؟ ولعلكم تضعون قاعدة في مسألة المسابقات وغيرها”
فأجاب: “أقول: ليس في هذا محذور ما دامت القيمة لم تزد من أجل الجائزة، والقاعدة هي: أن العقد إذا كان الإنسان فيه سالما أو غانما، فهذا لا بأس به، أما إذا كان إما غانما وإما غارما فإن هذا لا يجوز” انتهى من “اللقاء الشهري” (1/ 24).
ثانيا:
قولك: “إن الهدايا أكبر من الرسوم”، لم تبين فيه من الذي يتحمل الفرق بين ما يدفعه المشتركون في القرعة، وثمن ما يحصلون عليه؟ بل من الذي يقدم هذه الأشياء من الأساس؟ وما الغرض من هذه العملية؟
فإن كان هناك شخص أو جهة تقدم ما يسمونه “هدايا”، مقابل النقود التي يدفعها المشتركون، فهذا بيع، وهو لا يصح؛ لجهالة المبيع، لأنه يشتري سلعة من سلع متفاوتة القيمة. فهو من جنس بيع الملامسة، والمنابذة، المنهي عنه؛ للغرر والجهالة.
وتسمية ذلك هدايا، لا يخرجه عن كونه بيعا؛ لأنه معاوضة، ومبادلة سلعة بمال.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (4/ 156): ” وبيع الملامسة والمنابذة: غير جائز.
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في فساد هذين البيعين.
وقد صح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة ) متفق عليه.
والملامسة، أن يبيعه شيئا، ولا يشاهده، على أنه متى لمسه وقع البيع.
والمنابذة، أن يقول: أي ثوب نبذته إلي فقد اشتريته بكذا.
هذا ظاهر كلام أحمد. ونحوه قال مالك والأوزاعي …
وعلى ما فسرناه به: لا يصح البيع فيهما؛ لعلتين:
إحداهما: الجهالة.
والثانية: كونه معلقا على شرط، وهو نبذ الثوب إليه، أو لمسه له.
وإن عقد البيع قبل نبذه، فقال: بعتك ما تلمسه من هذه الثياب، أو ما أنبذه إليك: فهو غير معين ولا موصوف، فأشبه ما لو قال: بعتك واحدا منها” انتهى.
فلو قالت الجهة المالكة للهدايا: ادفعوا الرسوم، وكل سيأخذ هدية من الهدايا- المتفاوتة- بعد إجراء القرعة، فهذه صورة من صور بيع المنابذة المحرم؛ لما فيه من جهالة المبيع.
وإن كان الأمر على غير ما فهمنا، فيرجى بيانه.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (290388).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة