قام شخص بإيجار بيت، ووجد أنه يحتاج إلى ترميم، فقام بالاتفاق مع المؤجر أنه سيرمم البيت، ولا يدفع له المال حتى يستوفي ماله، مثلا قام المستأجر بترميم البيت بمليون دينار، وقد اتفقوا سابقا أن إيجار الشهر بمئتي ألف دينار فلن يدفع له لمدة خمسة شهر؛ لأنه رمم البيت بهذا المال، وبعد الخمسة أشهر سيدفع الإيجار، فما حكم هذا؟
ما حكم ترميم المستأجر للبيت مقابل خصمها من الأجرة؟
السؤال: 514451
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يلزم المؤجر تهيئة البيت وما يحتاجه ليكون صالحا للسكنى، سواء اتفقا على ذلك عند العقد أم لا، فلو حصل في البيت صدع أو شرخ، لزمه ترميمه.
قال البهوتي رحمه الله في “كشاف القناع” (4/21): “(ويلزمه) أي المؤْجِر (عمارتها)؛ أي: العين المؤجَّرة، دارا كانت أو حماما أو غيرهما، (سطحاً وسقفاً، بترميم) ما يحتاج إلى الترميم، (بإصلاح منكسر، وإقامة مائل، وعمل باب، وتطيين ونحوه) مما تدعو الحاجة إليه؛ لأنه به يُتَوصَّل إلى الانتفاع، ويُتمكن منه.
(فإن لم يفعل) المؤجر ذلك: (فللمستأجر الفسخ؛ إزالةً لما يلحقه من الضرر بتركه)” انتهى.
وقال قبلها: “(فأما تفريغ البالوعة والكنيف، وما حصل في الدار من زبل وقمامة، فيلزم المستأجرَ إذا تسلمها فارغة)؛ لحصوله بفعله. قال في الإنصاف: ويتوجه أن يُرجع في ذلك إلى العرف.
(ويلزم مؤجر الدار تسليمها منظفة) من زبل وقمامة، فارغة البالوعة والكنيف.
(و) يلزمه أيضا (إزالة ثلج عن سطح) المؤجرة، (وعن أرض) مؤجرة، (ولو) كان الثلج (حادثا) بعد الإجارة، ليتمكن المستأجر من الانتفاع” انتهى.
ثانيا:
إذا تم الاتفاق على أن المستأجر يفعل ذلك من ماله، ثم يخصم من الأجرة، فلا حرج في ذلك، ويكون المستأجر وكيلا عن المؤجر في القيام على الترميم.
وعليه أن يراعي مصلحة الموكل، فيبحث عمن يقوم بذلك بأقل الأسعار مع الجودة، وينبغي أن يوثق ذلك بفواتير ونحوها، وأن يخبر المؤجر بالتكلفة قبل بدء العمل، منعا للنزاع، فقد يدعي المؤجر بعد ذلك أن التكلفة كانت أقل مما ذكر.
وعلى هذا؛ فلو كلف الترميم مليونا، وكان إيجار الشهر مائتي ألف، فلهما الاتفاق على عدم سداد الأجرة لمدة خمسة أشهر، ولهما الاتفاق على غير ذلك، كأن تخصم مائة ألف من الأجرة لمدة عشر أشهر، ونحو ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (5/ 340): “وإن شرط الإنفاق على العين، النفقة الواجبة على المُكْري [المؤجِّر]، كعمارة الحمام، إذا شرطها على المكتري [=المستأجر]: فالشرط فاسد؛ لأن العين ملك للمؤجِّر، فنفقتها عليه.
وإذا أنفق بناء على هذا: احتسب به على المكري؛ لأنه أنفقه على ملكه بشرط العوض.
فإن اختلفا في قدر ما أنفق: فالقول قول المُكري؛ لأنه منكِر.
فإن لم يشترط، لكن أذن له في الإنفاق، ليحتسب له من الأجر، ففعل، ثم اختلفا: فالقول قول المكري أيضا.
وإن أنفق من غير إذنه، لم يرجع بشيء؛ لأنه أنفق على ماله بغير إذنه، نفقةً غير واجبة على المالك، فأشبه ما لو عَمَر دارا له أخرى” انتهى.
وقال البهوتي في الموضع السابق: ” (لكن لو عَمَر) المستأجر (بهذا الشرط، أو) عمر (بإذنه) أي: المؤجر (رجع) عليه (بما قال مُكْرٍ)؛ لأنه منكِرٌ.
ووضَّحه بقوله: (فإن اختلفا في قَدْر ما أنفقه) المُكتري؛ بأن قال: أنفقت مائة، وقال المُكري: بل خمسين، (ولا بينةَ) لأحدهما: (فالقول قول المُكري)؛ لأنه منكِرٌ.
(وإن أنفق) المستأجر (من غير إذنه: لم يرجع به بشيء) لأنه متبرِّع، لكن له أخذ أعيان آلاته” انتهى.
وينظر: “شرح منتهى الإرادات” (2/ 262).
والحاصل أن الأحوال هنا ثلاثة:
1-أن يَعمُر المستأجر وينفق من غير إذن واتفاق، فلا شيء له، لكن له أن يأخذ ما أضافه من خشب ونحوه.
2-أن يعمُر بإذن المؤجر، ويخبره بالتكلفة قبل العمل، أو يوثق ذلك بوسيلة معتبرة كعقد مع شركة الترميم، فيأخذ ما دفع.
3-أن يعمُر بإذن المؤجر، ثم يختلفا في قدر ما أنفق، ولا بينة له: فالقول قول المؤجر بيمينه، فيحلف أن الكلفة كذا.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب