عرض علي العمل في شركة تقليل ديون، طبيعة العمل: يأتي المستدين ـ الذي لا يستطيع السداد إلى الشركةـ فنقوم بالتفاوض مع الدائن؛ لكي يقلل الدين، أو ييسر السداد، مع العلم الشركة لا تقوم أبدا بشراء الديون، أغلب أو جل الديون ربوية، فهل يجوز العمل بهذه الشركة؟
ما حكم العمل في شركة وساطة لتخفيض الديون؟
السؤال: 525171
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجوز للشركة التوسط بين المدين والدائن لتخفيض الدين أو جدولته، إذا خلت وساطة الشركة، وعملها على حل مشكلة الدين: من المعاملات الربوية؛ ولو كان أصل الدين ربويا.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز إنظار المدين، أو جدولة الدين مقابل زيادة المبلغ؛ لأن ذلك ربا مجمع على تحريمه.
وفي “المعايير الشرعية”، ص 116: ” لا يجوز تأجيل موعد أداء الدين مقابل زيادة في مقداره (جدولة الدين)، سواء كان المدين موسراً أم معسراً” انتهى.
وجاء في قرارات مجلس ” المجمع الفقهي الإسلامي ” برابطة العالم الإسلامي بشأن فسخ الدين في الدين ما نصُّه:
يعدُّ من فسخ الديْن في الديْن الممنوع شرعاً: كلُّ ما يُفضي إلى زيادة الدين على المدين، مقابل الزيادة في الأجل، أو يكون ذريعة إليه.
ويدخل في ذلك الصور الآتية:
= فسخ الديْن في الديْن عن طريق معاملة بين الدائن والمدين، تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين من أجل سداد المديونية الأولى كلها، أو بعضها.
ومن أمثلتها: شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل، ثم بيعها بثمن حالٍّ من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه:
فلا يجوز ذلك، ما دامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى، بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم.
وسواء في ذلك أكان المدين موسراً أم معسراً، وسواء أكان الديْن الأول حالاًّ، أم مؤجلاً يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة.
وسواء اتفق الدائن والمدين على ذلك في عقد المديونية الأول، أم كان اتفاقاً بعد ذلك.
وسواء أكان ذلك بطلب من الدائن، أم بطلب من المدين.
ويدخل في المنع ما لو كان إجراء تلك المعاملة بين المدين وطرف آخر غير الدائن، إذا كان بترتيب من الدائن نفسه، أو ضمان منه للمدين من أجل وفاء مديونيته” انتهى.
وأما جدولة الدين بزيادة المدة، مع ثبات مبلغ الدين، فلا حرج فيه، وهو نوع من الإنظار والإحسان.
ومما جاء في التوسط في تخفيض الدين:
ما روى البخاري (2710)، ومسلم (1558) عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: ” أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: (يَا كَعْبُ)، فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، (فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ)، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قُمْ فَاقْضِهِ).
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” (10/ 220): فيه “الشفاعة إلى صاحب الحق، والإصلاح بين الخصوم، وحسن التوسط بينهم، وقبول الشفاعة في غير معصية” انتهى.
ثانيا:
لا يجوز للشركة شراء الدين من الدائن، مقابل نقد معجل أقل أو مساو للدين؛ لأن ذلك ربا، فهو نقد بنقد مع التأجيل، وهذا ربا النسيئة، فإن اشترته بأقل، انضاف ربا الفضل.
وينظر: جواب السؤال رقم: (266248)، ورقم: (269136).
ثالثا:
لا حرج في أخذ الشركة مالا مقابل توسطها لتخفيض الدين، ويعتبر أجرة على ما تقوم به من دراسة حال المدين، وتقييم الدين، ونحو ذلك، إضافة إلى مقابل الوساطة والشفاعة، وهو ما يسمى بثمن الجاه، وهو جائز في قول كثير من أهل العلم، كما بيناه في جواب السؤال رقم: (120819).
رابعا:
إذا كان الدين ربويا، لم يلزم المدين غيرُ أصل المال، وللشركة السعي في إسقاط الزيادة الربوية، فلو كان الدين ألفا، والزيادة الربوية مائة، وسعت الشركة في إسقاط المائة، فلا حرج.
وهل يجوز لها السعي في تخفيض المائة إلى خمسين، ومطالبة المدين بسداد خمسين؟
الظاهر جواز ذلك إذا لم يكن أمام المدين مفر من سداد الزيادة الربوية، فيكون هذا من تقليل الشر ما أمكن.
وبناء على ما تقدم، إذا كان عمل الشركة منضبطا بما ذكرنا، فلا حرج في عملك معها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة