هل يوجد حرمة فيما يقوم به بعض الناس من لعب لعبة قضاء يوم كامل بلون معين، فيأكل ويلبس أشياء بهذا اللون على سبيل اللهو فقط؟
ما حكم لعب “لعبة يوم كامل بلون معين”؟
السؤال: 527321
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
بعد الاطلاع على ما يسمى لعبة قضاء يوم كامل بلون معين، تبين أنه نوع من العبث واللهو الذي تلعبه النساء غالبا، وهو مشتمل على عدة محاذير، منها:
1-ظهور امرأة في فيديو عام، أو مع أقاربها، تظهر فيه ما ستلبسه، وما تضعه من مكياج على وجهها، وتصوير ذلك، وتصوير ذهابها لمتجر لتشتري ما تأكله باللون المختار، ثم عودتها لمنزلها، وتصويرها حالها والتزامها بلبس وأكل ما اتفق عليه، وهذا فيه محذور ظهور المرأة أمام الرجال الأجانب، وخضوعها بالقول، وذلك محرم؛ لقوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/ 32، وإذا كان هذا خطابا لنساء النبي صلى الله عليه وسلم مع كمال إيمانهن، فهو لمن دونهن من باب أولى، ولقوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) النور/30-31.
ولا يجوز للرجل أن ينظر للمرأة لغير حاجة، ولا يجوز لها أن تستدعي نظره بخروجها في فيديو يطلع عليه الرجال والنساء، وقد روى مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: “سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي”.
وروى أبو داود (2151)، والترمذي (2777) عَنِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِىٍّ رضي الله عنه: (يَا عَلِىُّ ؛ لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ) وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود”.
2-ما في ذلك من تضييع الوقت الكثير في أمر لا يعود على الإنسان بفائدة، مع ما يشتمل عليه من التكلف في الكلام والعمل، وذلك أن هذه اللعبة تكون على مدار يوم كامل.
وقد روى الترمذي (2417) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
3-تضييع المال في سبيل شراء أشياء بلون معين، وقد نهينا عن إضاعة المال، كما روى البخاري (2408)، ومسلم (593) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ).
وقال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31 .
وذم التبذير فقال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26.
فالإسراف والتبذير محرمان.
قال المناوي في “فيض القدير” (1/ 50): ” والسرف صرف الشيء فيما ينبغي، زائدا على ما ينبغي، والتبذير صرفه فيما لا ينبغي ” انتهى.
فعلى فرض أن المرأة ستعمل ذلك مع نساء فقط، فلا يطلع عليها رجال، أو سيكون داخل البيت مع عائلتها، فإن محذور ضياع الوقت، أو ضياع المال أو هما معا، لا زال قائما.
4-إذا تضمنت اللعبة بذل جائزة لمن نجح فيها، فهذا محذور آخر؛ لأن الجوائز لا يجوز بذلها إلا في الألعاب والمسابقات التي ورد بها النص، وهي السباق على الخيل أو الإبل أو رمي السهام، وما ألحق بذلك مما يعين على الجهاد المادي أو المعنوي، كمسابقات القرآن والحديث والفقه؛ روى أبو داود (2574)، والترمذي (1700)، وحسنه وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” وغيره.
وهذا النوع من الألعاب لا عهد للمسلمين به، والغالب أنه مأخوذ من غيرهم، ممن لا يقيم للزمن وزنا، ولا يعرف حدود علاقة المرأة بالرجال.
ولهذا فإن اشتملت اللعبة على محرم، كالظهور أمام الرجال الأجانب، أو الإسراف أو التبذير، أو تضييع الصلاة، أو بذل جائزة، فهي محرمة.
وإن سلمت من المحرمات، فأقل أحوالها الكراهة؛ لما فيها من تضييع الوقت.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب