0 / 0

هل كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مما تقضى به الحاجات؟

السؤال: 527692

هناك من يقول تقضي الحاجة بالصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم، أو تقضي به الحوائج، فهل هذا يجوز، وحتي لم يذكر في الحديث مثل ذلك، وبها صيغة حاكت في صدري؟

ملخص الجواب

قد ورد ما يدل على أن من جعل مكان الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله تعالى يكفيكه بهذه الصلاة همّ الدّنيا والآخرة، لكن أسانيد هذه الخبر فيها ضعف، وبعض طرقها ليست بشديدة الضعف، ومثلها مما يستأنس به في باب فضائل الأعمال، ومن تتابعت عليه الصلاة من الله تعالى، فلا شك أن الله تعالى يذكره برحمته واحسانه، فيقضي له حاجته التي تهمه.

موضوعات ذات صلة
الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

ورد ما يدل على أن الاكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يُكفى بها العبد ما يهمه من أمور الدنيا والآخرة.

فقد روى الإمام أحمد في “المسند” (35/166)، والترمذي (2457)، وعبد بن حميد “المنتخب من مسند عبد بن حميد” (1/ 181 — 182)، و ابن أبي شيبة “المصنف” (5 / 413)، وغيرهم: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ اذْكُرُوا اللهَ اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ).

قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ؛ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟

فَقَالَ: (مَا شِئْتَ).

قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟

قَالَ: (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ).

قُلْتُ: النِّصْفَ؟

قَالَ: (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ).

قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟

قَالَ: (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ).

قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ).

وقال الترمذي رحمه الله تعالى: ” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ “.

وهذا الخبر تفرّد بروايته سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل.

جاء في “النكت الظراف بهامش تحفة الأشراف” (1/20):

” وقال الدارقطني في “الأفراد”: غريب من حديث الطفيل، تفرد به سفيان الثوري” انتهى.

وعبد الله بن محمد بن عقيل، الأكثر على تضعيفه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

“عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي:

روى جماعة عن ابن معين: ضعيف.

وقال ابن المديني: لم يدخل مالك في كتبه ابن عقيل …

وقال أبو حاتم وغيره: لين الحديث. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به.

وقال الترمذي: صدوق.

وتكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وقال ابن حبان: ردئ الحفظ، يجئ بالحديث على غير سننه، فوجبت مجانبة أخباره.

وروى الترمذي عن البخاري قال: كان أحمد، وإسحاق، والحميدي يحتجون بحديثه، وقال علي: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن ابن عقيل … ” انتهى. “ميزان الاعتدال” (2/432).

فتفرد راو بمثل هذه الحال، بخبر: يوهنه ويضعفه.

وقد وردت له عدة شواهد، لكنها لا تخلو من ضعف.

الشاهد الأول:

رواه ابن أبي عاصم في “الصلاة على النبي” (ص46)، والبزار في “المسند” (15 / 345): عن عُمَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْعَلُ شَطْرَ صَلاتِي دُعَاءً لَكَ؟ قال: (ما شئت) … قال: فأجعل صلاتي كلها دعاء لك، قَالَ: (إِذَنْ يَكْفِيكَ اللَّهُ هَمَّ الدُّنْيَا والآخرة).

وقال البزار: ” وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم حدث به، عن زيد إلا عمر بن محمد بن صهبان، ولم يكن بالحافظ ” انتهى.

وقد رواه ابن عدي في “الكامل” (7/365) من هذه الطريق، ثم قال رحمه الله تعالى:

” وعمر هذا له من الحديث غير ما ذكرت، وعامة أحاديثه مما لا يتابعه الثقات عليه، والغلبة على حديثه المناكير ” انتهى. (7/368).

وكذا رواه ابن حبان في “المجروحين” (2/52)، وقال رحمه الله تعالى قبل سياقه للخبر:

” عمر بن محمد بن صُهبان الأسلمي: … كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، التي إذا سمعها مَنِ الحديثُ صناعته؛ لم يشك أنها معمولة، يجب التنكب عن روايته في الكتب ” انتهى. “المجروحين” (2/52).

الشاهد الثاني:

هو ما رواه الطبراني في “المعجم الكبير” (4/35)، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيلَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ: ” أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَجْعَلُ ثُلُثَ صَلَاتِي عَلَيْكَ؟، قَالَ: (نَعَمْ إِنْ شِئْتَ) … قَالَ: فَصَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَنْ يَكْفِيكَ اللهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ ).

وشيخ الطبراني، يحيى بن عثمان بن صالح السهمي: متكلّم فيه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

يحيى بن عثمان بن صالح السهمي: صدوق؛ كتب عنه ابن أبي حاتم، وقال: تكلموا فيه ” انتهى. “المغني في الضعفاء” (2/740).

وقال رحمه الله تعالى:

” يحيى بن عثمان بن صالح السهمي: عن: أبيه، وسعيد بن أبي مريم، وعنه: بن ماجة، والطبراني، حافظ أخباري، له ما ينكر” انتهى. “الكاشف” (2/371).

وقد خولف في إسناده، فرواه غيره من غير ذكر جدّ محمّد بن يحيى بن حبّان، كما عند ابن أبي عاصم في “الصلاة على النبي” (ص47)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِشْدِينَ بْن سَعْدٍ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيلَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِيهِ: ( أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَجْعَلُ نِصْفَ صَلاتِي لَكَ … ) الحديث.

وفي إسنادهما قرة بن عبد الرحمن، وقد ضُعّف.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

” قرة بن عبد الرحمن بن حيويل: مشهور، قال أحمد: منكر الحديث جدا. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وذكره مسلم في الشواهد” انتهى. “المغني في الضعفاء” (2/524).

وكذا رشدين بن سعد، قد ضُعّف.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

” كان صالحا عابدا، محدثا سيء الحفظ ” انتهى. “الكاشف” (1/397).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” رشدين بن سعد، أبو الحجاج المصري: ضعيف… وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه، فأدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث ” انتهى. “تقريب التهذيب” (ص209).

وروي مرسلا من حديث محمّد بن يحيى بن حبّان من غير ذكر أبيه وجدّه، كما عند يعقوب بن سفيان الفسوي في “المعرفة والتاريخ” (1/389)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عن عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يحي بْنَ حِبَّانَ: ( أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَجْعَلَ صَلَاتِي كُلَّهَا لَكَ … ) الحديث.

الشاهد الثالث:

مرسل يعقوب بن زيد التّيميّ.

رواه عبد الرزاق في “المصنف” (2/215)، وإسماعيل القاضي في “فضل الصلاة على النبي” (ص30): عَنِ سُفْيَان ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ عَبْدٌ صَلَاةً إِلَّا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا)، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَجْعَلُ نِصْفَ دُعَائِي لَكَ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ)، قَالَ: أَلَا أَجْعَلُ كُلَّ دُعَائِي لَكَ؟ قَالَ: (إِذًا يَكْفِيكَ اللَّهُ هَمَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).

وهذا الخبر مع ما في أسانيده وطرقه من ضعف، إلا أن خبر أبي بن كعب، ومرسل يعقوب بن زيد التّيميّ: ليسا بشديدي الضعف، فمثلهما مما يتوسع في مثله، ويعتمد عليه في فضائل الأعمال. خاصة وأنه قد ثبت أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لصلاة الله تعالى على العبد؛ والتي من شأنها إذا كثرت وغمرت العبد أن تزيل ما يهمّه ويغمّه.

فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا … ) رواه مسلم (384).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى عن حديث أبي بن كعب:

” سئل شيخنا أبو العباس – ابن تيمية – عن تفسير هذا الحديث؟

فقال: كان لأبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ( إِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ). فقال له: النصف؟ فقال: ( إِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ )، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها، أي: أجعل دعائي كله صلاة عليك. قال: ( إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ )؛ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه رضي الله عنه ” انتهى. “جلاء الأفهام” (ص 76).

ثانيا:

وينبغي للمصلي أن يتنبه لأمرين:

الأمر الأول: أن الشرع نوّع في الأذكار والأدعية، لتنوع أثرها على إيمان العبد، فلا يهجر المسلم شيئا منها، فلا يقتصر العبد طول حياته على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع شرفها، بل ينبغي أن يضم إليها إظهار حاجته لله تعالى، بلسانه وبقلبه، ليقوي في قلبه افتقاره وتضرعه إلى الله تعالى وحاجته إليه، كما ينبغي أن يثني على الله تعالى، ويمجده ويحمده، ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته بما يناسب حاجته وطلبه، وهذا يقوي معرفته بالله تعالى وتعظيمه، وهذا كان حال سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.

قال النووي رحمه الله تعالى:

” أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى، والثناء عليه، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك تختم الدعاء بهما، والآثار في هذا الباب كثيرة معروفة ” انتهى. “الأذكار” (ص 99).

وتعقّبه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله:

” كأنه أراد (بالآثار) ما جاء عن السلف في ذلك.

أما الأحاديث المرفوعة: فقليلة جدا، لا أعرف فيها إلا واحدا صحيحا، وهو حديث فضالة بن عبيد ” نتائج الأفكار” (4 / 49).

وحديث فضالة بن عبيد رواه الإمام أحمد في “المسند” (39/ 363 )، وأبو داود (1481)، والترمذي (3477): عن أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ، لَمْ يُمَجِّدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “عَجِلَ هَذَا”، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: – أَوْ لِغَيْرِهِ – “إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ ).

وقال الترمذي: ” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ “.

الأمر الثاني:

صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من تأليف الناس والمنتشرة على وسائل التواصل، إذا شك المسلم في شيء منها: فليتركه؛ ويكفيه أن يدعو بالمأثور المعلوم، المضمون بركته، المأمونة غائلته.

روى البخاري (3370) ومسلم (406): عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قالَ: “لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقالَ: أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُها مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِها لِي. فَقالَ: سَأَلْنا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنا كَيْفَ نُسَلِّمُ؟ قالَ:

( قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَما بارَكْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ).

وروى البخاري (3369) ومسلم (407) عن أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ رضي الله عنه: أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

( قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف، والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما، وقد يكون مكروها، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها … ” انتهى. “مجموع الفتاوى” (22 / 510).

فإن لم يكن يحفظ من المأثور شيئا، مما يلائم حاجته؛ فليتخير لنفسه من الدعاء أعجبه إليه، وأرجاه عند ربه، وأدله على مقصوده وحاجته، مما يعرف معناه، بأي لغة كان دعاؤه، وبأي صيغة من صيغ الكلام، معربا أو ملحونا؛ بحسب ما يعلم، ويتكلم، وينطلق به لسانه.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (21561)، ورقم: (262254).

والخلاصة:

قد ورد ما يدل على أن من جعل مكان الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله تعالى يكفيكه بهذه الصلاة همّ الدّنيا والآخرة، لكن أسانيد هذه الخبر فيها ضعف، وبعض طرقها ليست بشديدة الضعف، ومثلها مما يستأنس به في باب فضائل الأعمال، ويقوي هذا المعنى ما ورد في صحيح مسلم: ( إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )، ومن تتابعت عليه الصلاة من الله تعالى، فلا شك أن الله تعالى يذكره برحمته واحسانه، فيقضي له حاجته التي تهمه.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى عن ثمرات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

” الحادية عشرة: أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمَّه…

الرابعة عشرة: أنها سبب لقضاء الحوائج ” انتهى. “جلاء الأفهام” (ص522).

وينبغي للمصلي أن يحرص في صلاته على الصيغة علّمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ففيها تمام الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، ويتجنب الصيغ التي هي من تأليف الناس فبعضها قد لا يخلو من بعض المناهي.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android