0 / 0

ما حكم الجمع بين قضاء السنن الرواتب وقيام الليل بنية واحدة؟

السؤال: 530528

أحياناً أضيع السنن الرواتب والسنن المستحبة لعذر، مثل: النوم عن صلاة الفريضة والراتبة تضيع معها، أو أيضا النوم عن صلاة الضحى، وكذلك السنة المستحبة القبلية للعصر والظهر البعدية المستحبة، فهل يجوز لي أنوي قضاءها، وأيضا أنوي قيام الليل، ومن ثم أشفع وأوتر؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ذهب بعض أهل العلم إلى أن قيام الليل ليس مقصودا لذاته، وإنما المطلوب شغل الزمان بالصلاة، فيحصل القيام بفعل أي صلاة، ولو قضاء فرائض أو نوافل.

قال البجيرمي الشافعي في “حاشيته على الخطيب” (1/ 418): ” يحصل بفرض، ولو قضاء أو نذرا، ونفل مؤقت كذلك ولو سنة العشاء أو الوتر، حيث كان بعد فعل العشاء” انتهى.

وقال في “حاشيته على شرح المنهج” (1/ 286) عند قوله: “(وتهجد) أي: تنفل بليل بعد نوم”:

” (قوله: أي تنفل بليل) قضيته أنه لا يحصل بفرض، وليس مرادا، بل يحصل به قياسا على التحية؛ إذ الجامع أن المراد إشغال المحل بالصلاة وإشغال الزمن بها” انتهى.

والراجح في ذلك: أن صلاة الليل مقصودة لذاتها، ولا يغني عنها السنن الرواتب ونحوها، وهي أفضل النوافل وأعظمها أجرا. وقد ورد فيها من الحث والترغيب، ما لم يرد في غيرها من نوافل الصلوات.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (50070)، ورقم: (279251)، ورقم: (143240).

وعلى ذلك؛ فلا يصح التشريك بين قيام الليل والسنة الراتبة، أو قضاء السنن الرواتب بنية واحدة؛ لأن كلا منهما مقصود لذاته فلا؛ يتداخلان .

وهذه هي القاعدة في التشريك أو التداخل بين العبادات، فالسنن المقصودة لذاتها لا تتداخل، بخلاف ما كان مقصودا منه مجرد الفعل.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” هل يمكن الجمع في النية بين صيام الثلاثة أيام من الشهر وصيام يوم عرفة، وهل يأخذ الأجرين؟

فأجاب: تداخل العبادات قسمان:

قسم لا يصح: وهو فيما إذا كانت العبادة مقصودة بنفسها، أو تابعة لغيرها، فهذا لا يمكن أن تتداخل العبادات فيه.

مثال ذلك: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما أيضاً؛ لأن سنة الفجر مستقلة، وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى.

وكذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها، فإنها لا تتداخل، فلو قال إنسان: أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة، قلنا: لا يصح هذا؛ لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزئ عنها.

والقسم الثاني: أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه. مثاله: رجل دخل المسجد والناس يصلون صلاة الفجر، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عنه الركعتين، لماذا؟ لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى أجزأت عن تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات.

ومنه الصوم، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم، سواء كنت نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر أو نويته ليوم عرفة ، لكن إذا نويته ليوم عرفة لم يجزئ عن صيام الأيام الثلاثة، وإن نويته يوماً من الأيام الثلاثة أجزأ عن يوم عرفة ، وإن نويت الجميع كان أفضل ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (51/ 15).

وسئل الشيخ رحمه الله : ” هل تجمع صلاة الضحى مع قضاء صلاة الليل والوتر وهل تكون جهرية أم سرية؟

فأجاب : أما صلاة الضحى فإنها تصلى في وقتها، لكن يقضي الوتر وصلاة الليل قبل ذلك . والوتر إذا قضاه في النهار فإنه لا يوتر، ولكنه يأتي به شفعا. فإذا كان يوتر بثلاث صلى أربعا، وإذا كان يوتر بخمس صلى ستاً، يسلم من كل ركعتين ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (8/ 2).

وعليه؛ فإما أن تقضي السنن، وإما أن تصلي قيام الليل، ولا تجمع بينهما بنية واحدة.

ثم إن ما ذكرته عن نفسك من النوم عن الفرائض أمر خطير، جد خطير، أن تنام عن الصلاة المكتوبة حتى يقضي وقتها، وقد قال الله تعالى: ﵟ‌فَوَيۡلٞ ‌لِّلۡمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَﵞ الماعون (4-5).

وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (66900)، ورقم: (65605).

ثم زاد على نفسك: أن راحت نفسك تشح بالصلوات، وخليتها على هواها، حتى ذهبت تبحث عن تداخل الصلاتين معا، وهل تكفي واحدة منهما عن الأخرى. وقد قال الله تعالى: ﵟوَمَن يُوقَ ‌شُحَّ ‌نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَﵞ الحشر/9

فانصح لنفسك يا عبد الله، وأدركها، قبل أن ينفلت الزمام من يدك، وقبل ألا تقدر على أن تدركها، ولا أن تنجيها:

 قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * ‌وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰخِرِينَالزمر/53-56.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android