ما حكم تناول أو استخدام عسل الهلوسة؟ هل يمكن أن يدخل في التحريم؟
ليس لدي معلومات كثيرة عنه، ينصح باستخدامه بكمية قليلة في اليوم، وكثرته قد تؤدي إلى مشاكل صحية، وفعلا عندما ذقته هو ليس كالعسل العادي، فيه لذعة قوية، وحار مثل الفلفل تقريبا، وكان كمية قليلة جدا، أود أن أشتريه لوالدي؛ حيث إنه ممتاز للصحة، ولتهدئة الأعصاب، وخفض ضغط الدم.
هل يجوز تناول عسل الهلوسة؟
السؤال: 532417
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
عسل الهلوسة أو عسل الجنون، هو: “عسل ينتجه نحل يدعى “آبيس لابوريوسا” أو “Apis laboriosa” وهو أكبر فصائل النحل في العالم. يصل طول النحلة الواحدة إلى 3 سنتيمترات، بعد أن يتغذى على حبوب لقاح أزهار الرودودندرون النادرة، التي عادة ما تكون شديدة السم للإنسان. وهي من النباتات المزهرة دائمة الخضرة. تنمو في المناطق الجبلية حول العالم، وتحتوي على مواد كيميائية تسمى السموم الرمادية. والتي تؤثر في الأعصاب بشكل سلبي، وتسبب الهلوسة وتبطئ من مستوى نبض القلب، نحو الشلل المؤقت وفقدان الوعي” انتهى .
وقد ذكروا لها فوائد صحية كثيرة، ومضار أيضا، وأنه لا يؤخذ منه كميات كبيرة إلا باستشارة الطبيب.
ثانيا:
وإن كان تناول كمية قليلة منه لا يضر، فلا حرج في ذلك، عملا بالإباحة الأصلية.
ولأنه إذا منع لأجل الضرر؛ جاز تناول ما لا ضرر فيه.
قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا البقرة/29
وروى الترمذي (1726)، وابن ماجه (3367) عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: “سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّمْنِ وَالجُبْنِ وَالفِرَاءِ، فَقَالَ: الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ ءذوالحديث حسنه الألباني في “صحيح الترمذي”.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: “كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقذرا، فبعث الله تعالى نبيه، وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه؛ فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. وتلا: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) إلى آخر الآية” رواه أبو داود (3800) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” (الأصل فيها الحل): (فيها) أي في الأطعمة الحل، وهذا أمر مجمع عليه، دل عليه القرآن في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)؛ فقوله (ما في الأرض) ما: اسم موصول، والاسم الموصول يفيد العموم، كما أنه أكد ذلك العموم بقوله: (جميعا)، فكل ما في الأرض فهو حلال لنا، أكلا وشربا ولبسا وانتفاعا، ومن ادعى خلاف ذلك فهو محجوج به، أي بهذا الدليل، إلا أن يقيم دليلا على ما ادعى، ولهذا أنكر الله عز وجل على الذين يحرمون ما أحل الله من هذه الأمور فقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) الأعراف: من الآية 32″ انتهى من “الشرح الممتع” (15/ 5).
ثالثا:
يجوز تناول ما فيه منفعة مع مضرة، إذا كانت المنفعة أرجح.
قال ابن قدامة رحمه الله: “وما فيه السموم من الأدوية: إن كان الغالب من شربه واستعماله الهلاك به أو الجنون: لم يُبَحْ شُربه.
وإن كان الغالب منه السلامة، ويرجى منه المنفعة: فالأوْلى إباحة شربه لدفع ما هو أخطر منه، كغيره من الأدوية.
ويحتمل ألا يباح؛ لأنه يعرض نفسه للهلاك، فلم يُبَح، كما لو لم يرد به التداوي.
والأول: أصح؛ لأن كثيراً من الأدوية يُخاف منه، وقد أبيح لدفع ما هو أضر منه.
فإذا قلنا: يحرم شربه، فهو كالمحرمات من الخمر ونحوه.
وإن قلنا يباح: فهو كسائر الأدوية المباحة” انتهى من” المغني ” (1/ 447).
وقال الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله: ” واعلم أن لعلماء الأصول في هذا المبحث تفصيلا لم يذكره المؤلف، ولكنه أشار إليه إشارة خفية، وهو أنهم يقولون : الأعيان مثلا، لها ثلاث حالات:
1- إما أن يكون فيها ضرر محض ولا نفع فيها ألبتة، كأكل الأعشاب السامة القاتلة .
2- وإما أن يكون فيها نفع محض، ولا ضرر فيها أصلا.
3- وإما أن يكون فيها نفع من جهة، وضرر من جهة .
فإن كان فيها الضرر وحده، ولا نفع فيها، أو كان ضررها أرجح من نفعها، أو مساويا له، فهي حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”.
وإن كان نفعها خالصا لا ضرر معه، أو معه ضرر خفيف والنفع أرجح: فأظهر الأقوال الجواز” انتهى من “مذكرة في أصول الفقه”، ص20.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب