أقوم بإنشاء نموذج أولي لتطبيقي على الويب، فقظ نموذج، التطبيق ليس جاهزا بعد، وأريد تقديم هذا العرض إلى المستخدمين: إذا قاموا بدفع اشتراك لمدة عام واحد قبل بناء التطبيق، فسيحصلون على خصم مدى الحياة، لذا حتى عندما يرتفع السعر لجميع المستخدمين، فلن يرتفع عليهم؛ لأنهم انضموا قبل بناء التطبيق، وعندما يصبح التطبيق جاهزًا، يمكنهم الانضمام، وإذا لم يعجبهم، يمكنهم طلب استرداد كامل خلال الأيام العشرة الأولى من استخدام التطبيق، فهل هذا النوع من البيع حلال أم حرام؟
أولا:
إذا كان التطبيق معلوما بالوصف المنضبط، بحيث يعرف حجمه، وشكله، ووظائفه، فلا حرج في بيعه قبل إنشائه، ويدخل هذا في عقد الاستصناع، ويجوز أن يكون الثمن مقسطا على مدة، كسنة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الاستصناع:
"يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ- بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب- أن يحدد فيه الأجل.
ثالثاً: يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
والله أعلم " انتهى، نقلا عن "مجلة المجمع" (ع 7، ج 2 ص 223).
وإذا تم بيع التطبيق بهذه الطريقة، أصبح التطبيق ملكا لكل من اشتراه، فلن يدفع شيئا بعد ذلك.
ثانيا:
يجوز تأجير التطبيق-لا بيعه- إذا أمكن ضبطه بالصفة، وحدد موعد إنشائه وإمكان استعماله، ولا حرج أن يتم التعاقد من الآن على تأجيره سنة مثلا تبدأ من شهر معين.
وهذا فيه مسائل:
1 - استئجار عين موصوفة في الذمة.
2 - والإجارة مدة لا تلي العقد، وكلاهما جائز.
3-وتحديد موعد لتسليم التطبيق والتمكن من استعماله.
أما استئجار عين موصوفة في الذمة:
فقال في "كشاف القناع" (3/ 645): " (وهي) لغة المجازاة وشرعا (عقد على منفعة مباحة معلومة تؤخذ شيئا فشيئا) وهي ضربان، أشار إلى الأول منهما بقوله: (مدة معلومة من عين معلومة) معينة كـ: أجرتك هذا البعير. (أو) من عين (موصوفة في الذمة)، كـ: أجرتك بعيرا صفته كذا، ويستقصي صفته. وأشار إلى الضرب الثاني بقوله: (أو عمل معلوم) وقوله (بعوض معلوم) راجع للضربين" انتهى.
وجاء في "المعايير الشرعية"، ص 243: " يجوز أن تقع الإجارة على موصوف في الذمة وصفاً منضبطاً، ولو لم يكن مملوكاً للمؤجر، حيث يتفق على تسليم العين الموصوفة في موعد سريان العقد، ويراعى في ذلك إمكان تملك المؤجر لها أو صنعها، ولا يشترط فيها تعجيل الأجرة، ما لم تكن بلفظ السلم أو السلف.
وإذا سلم المؤجر غير ما تم وصفه، فللمستأجر رفضه وطلب ما تتحقق فيه المواصفات" انتهى.
وجاء فيها ص 262: " مستند جواز الإجارة لعين موصوفة في الذمة قبل تملكها: أن ذلك لا يؤدي للنزاع، وهي كالسلم. ولا يشترط تعجيل الأجرة فيها على أحد قولين للشافعية والحنابلة" انتهى.
وأما الإجارة مدة لا تلي العقد:
فقال في "المبدع" (4/ 426): " (ولا يشترط أن تلي العقد)؛ لأنها مدة يجوز العقد عليها مع غيرها؛ فجاز العقد عليها مفردة، كالتي تلي العقد. (فلو أجره سنة خمس، في سنة أربع: صح. سواء كانت العين مشغولة وقت العقد)، بإجارة أو رهن؛ إن قدر على تسليمها عند وجوبه، (أو لم تكن)؛ لأنه إنما تشترط القدرة على التسليم عند وجوبه، كالسلم؛ فإنه لا يشترط وجود القدرة عليه حال العقد" انتهى.
لكن في عقد الإجارة يجب الاتفاق على مدة معلومة، ولو طالت، ما دام يغلب على الظن بقاء العين المؤجرة فيها، كأن تؤجر التطبيق خمس أو عشر سنوات مثلا، مع تحديد الأجرة.
وأما تحديد موعد لتسليم التطبيق: فهذا لابد منه، ولا يصح العقد دونه؛ لأن جهالة أجل التسليم، على ما ذكر في السؤال: غرر فاحش، لا يغتفر. ولهذا اشترط في السلم والاستصناع معلومية الأجل.
فإذا لم تحدد موعد تسليم التطبيق، لم تصح المعاملة.
فلو كان يمكن إنشاء التطبيق في رمضان، فيتم التعاقد من الآن على تأجيره سنة تبدأ من رمضان.
ثالثا:
يجوز في عقد الإجارة للمدد الطويلة: أن يتفق على أجرة للمدة الأولى، ثم على زيادتها في المدد التالية بقدر أو نسبة معلومة أو ربطها بمؤشر معلوم.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن التضخم وتغير قيمة العملة:
" رابعا: الربط القياسي للأجور والإجارات:
أ ـ تأكيد العمل بقرار مجلس المجمع رقم 75 (6/ 8) الفقرة: أولا بجواز الربط القياسي للأجور تبعا للتغير في مستوى الأسعار.
ب ـ يجوز في الإجارات الطويلة للأعيان تحديد مقدار الأجرة عن الفترة الأولى، والاتفاق في عقد الإجارة على ربط أجرة الفترات اللاحقة بمؤشر معين شريطة أن تصير الأجرة معلومة المقدار عند بدء كل فترة" انتهى.
وجاء في "المعايير الشرعية" ص 138:
" 5/ 2/3 ... في حالة الأجرة المتغيرة يجب أن تكون الأجرة للفترة الأولى محددة بمبلغ معلوم. ويجوز في الفترات التالية اعتماد مؤشر منضبط، ويشترط أن يكون هذا المؤشر مرتبطاً بمعيار معلوم لا مجال فيه للنزاع؛ لأنه يصبح هو أجرة الفترة الخاضعة للتحديد، ويوضع له حد أعلى وحد أدنى" انتهى.
وجاء فيها أيضا، ص 149: " مستند جواز استخدام مؤشر لتحديد أجرة الفترات التالية للفترة الأولى من مدة الإجارة: هو أن التحديد بذلك يؤول إلى العلم، وذلك من قبيل الرجوع إلى أجرة المثل، وهو لا مجال فيه للنزاع، ويحقق استفادة المتعاقدين من تغير مستوى الأجرة، مع استبقاء صفة اللزوم لكامل مدة العقد، كما جاء في فتوى ندوة البركة الحادية عشرة " انتهى.
والحاصل: أنه يجوز بيع التطبيق أو تأجيره قبل إنشائه، إذا كان يمكن ضبطه بالصفة، وتحديد موعد لتسليمه.
والله أعلم.