0 / 0
16/شعبان/1446 الموافق 15/فبراير/2025

ما حكم التعاقد مع مكتب لرحلة عمرة مع تقسيط الأجرة بزيادة؟

السؤال: 537244

أعلنت إحدى الشركات عن فتح باب التقديم لأداء العمرة، على أن يكون الدفع بالتقسيط، مع مراعاة الزيادة في سعر الرحلة مقابل التقسيط.
السؤال:
هل يجوز دفع هذه الزيادة مقابل التقسيط لسعر رحلة العمرة؟ أم إن هذه الزيادة تعتبر ربا؟

ملخص الجواب

لا حرج في دفع تكاليف العمرة بالتقسيط بأجرة زائدة عن التكلفة المعتادة

موضوعات ذات صلة
الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

اتفق العلماء على أن المسلم لا يلزمه أن يقترض ليحج أو يعتمر، قال النووي رحمه الله: "لا يجب عليه استقراض مال يحج به؛ بلا خلاف" "المجموع" (7/76).

والأولى ألا يقترض إلا إذا كان لديه ما يسدد به.

"سئل ابن أبي أوفى: عن الرجل يستقرض، ويحج؟

قال: يسترزق الله، ولا يستقرض.

قال سفيان الثوري: وكنا نقول: لا يستقرض، إلا أن يكون له وفاء" رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/449)، وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (4/399)، والبيهقي في السنن الكبرى ت التركي (9/ 224).

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: "إنما يجوز الاقتراض لمن علم من نفسه القدرة على الوفاء"انتهى. مغني المحتاج (3/ 30).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن يقترض ليحج، فقال: "إذا اقترضت شيئًا فلا بأس، إذا كان عندك ما يسدده بعد الرجوع؛ فلا بأس.

وأما إذا كان ما عندك شيء، فالأولى ألا تقترض، وأنت بحمد الله معذور؛ لأن الحج ما يجب إلا مع الاستطاعة، والذي لا يستطيع إلا بالقرض والاستدانة غير مستطيع، لكن إذا كان عندك بحمد الله ما تستطيع أن توفي منه؛ من غلة عقار، ومن تجارة، وغير ذلك: فلا بأس" فتاوى نور على الدرب لابن باز (17/ 19).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بعض الناس يأخذ سلفيات من الشركة التي يعمل بها، يتم خصمها من راتبه بالتقسيط، ليذهب إلى الحج ، فما رأيكم في هذا الأمر؟:

فأجاب: " الذي أراه أنه لا يفعل؛ لأن الإنسان لا يجب عليه الحج إذا كان عليه دَيْن، فكيف إذا استدان ليحج؟!

فلا أرى أن يستدين للحج ؛ لأن الحج في هذه الحال ليس واجباً عليه ، ولذا ينبغي له أن يقبل رخصة الله وسعة رحمته ، ولا يكلف نفسه دَيْناً لا يدري هل يقضيه أو لا ؟ ربما يموت ولا يقضيه ويبقى في ذمته" انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/93).

وينظر جواب السؤال رقم (65494).

ثانياً:

العمل في تفويج الحجاج والمعتمرين هو عبارة عن عقد أجرة بين الشركة والحاج، مقابل خدمة تقدمها الشركة للحاج بتوصيله إلى المشاعر مع الإعاشة، وهذه الخدمة (موصوفة في الذمة).

وهي ما يعبر عنها الفقهاء: بأجرة منافع موصوفة في الذمة: وهي التي يلتزم فيها المؤجر بتقديم منفعة معلومة في الذمة.

(التطبيقات العملية للإجارة الموصوفة في الذمة لعبد الستار أبي غدة ص73، إجارة الموصوف في الذمة وتطبيقاتها المعاصرة(دكتوراه) ص51-52).

وقد اتفقت المذاهب الأربعة على جواز الإجارة الموصوفة في الذمة.

انظر: إجارة الموصوف في الذمة وتطبيقاتها المعاصرة ص85.

ثالثا :

مسألة تفويج الحجاج والمعتمرين مقابل أجرة بالتقسيط، مبنية على حكم تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة.

وقد اختلف الفقهاء في حكم تأجيل الأجرة، في الإجارة الموصوفة في الذمة، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة لا يجوز، وهو مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية. [التاج والإكليل (7/500)، روضة الطالبين (5/174)].

القول الثاني: أن تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة لا يجوز إذا كان بلفظ السلَم، ويجوز إذا كان بغير لفظ السلم. وهو وجه عند الشافعية، ومذهب الحنابلة. [مغني المحتاج (3/443)، شرح المنتهى (2/252)].

القول الثالث: أن تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة يجوز مطلقًا. وهو وجه عند الحنابلة. الكافي (2/ 173).

والراجح: هو القول الثالث القائل بجواز تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة؛ وذلك لأن لبيع المنافع أحكامًا خاصة بها، وتسمى إجارة، ومنها جواز تأجيل البدلين، ولا تقاس على بيع الأعيان في ذلك، لاختلافها عنها.

ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (32/ 286)، الإجارة الموصوفة في الذمة د.مرضي العنزي، إجارة الموصوف في الذمة وتطبيقاتها المعاصرة ص113.

وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في مسألة تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة: "يجوز في إجارة المنافع الموصوفة في الذمة تعجيل الأجرة، وتقسيطها، وتأجيلها" انتهى .

وعليه؛ فيجوز تقسيط الأجرة لشركات تفويج الحجاج والمعتمرين.

رابعا:

لا حرج من زيادة سعر الرحلة مقابل التقسيط .

لأن الإجارة بيع منافع، فتأخذ حكم البيع بالتقسيط، وهو جائز عند المذاهب الأربعة.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ليست مسألة التقسيط من جنس الربا، بل للناس أن يتبايعوا في المداينة بما تراضوا عليه.

والتقسيط يختلف، قد تكون أقساطًا كثيرة، تحتاج إلى زيادة في الثمن، وقد تكون قليلة، تكون الزيادة قليلة، فليست المداينة من جنس بيع النقد، ولا حرج في ذلك عند عامة العلماء، بل هو كالإجماع، أنه لا حرج في الزيادة مِنْ أَجْل الأجَل، وليس من الربا. لعموم قوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، ولم يقل بسعر الوقت ولا بسعر الحاضر. وقد جرت عادة المسلمين، من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا: بأن البيع إلى أجل، يكون فيه الزيادة. فإذا كانت السلعة تساوي مائة، باعها بمائة وعشرين، بمائة وثلاثين، بمائة وأربعين، بمائة وخمسين؛ على حسب الآجال، فإذا كان الأجل قريبًا صار الربح قليلاً، وإذا كان الأجل طويلاً صار الربح كثيرًا، والأقساط كثيرة.

وقد باع أهل بريرة بريرة بتسع أواق، بكل عام أوقية، ولم يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم، عن هذا وسعرها وقت الحاضر أم لا، بل أقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على بيعها بالتقسيط. واشترتها عائشة رضي الله عنها بذلك أيضًا، وأعتقتها، ولم يسأل هل بعتموها بسعر الحاضر أم لا. ولم يزل الناس يتبايعون في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يقل لهم لا تبيعوا إلا بسعر الحاضر"اهـ. فتاوى نور على الدرب (19/59).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما رأي الدين في البيع والشراء بالتقسيط علماً بأن سعر البيع في حالة التقسيط يكون أزيد من البيع واستلام المبلغ الفوري؟

فأجاب رحمه الله تعالى: "هذا لا بأس به بإجماع أهل العلم؛ أن الإنسان إذا اشترى السلعة لحاجته إليها بثمن مؤجل، سواء كان يحل دفعة واحدة أو يحل على دفعات فإنه لا بأس بذلك، وقد حكى غير واحد من أهل العلم إجماع العلماء على حله، ومن المعلوم أنه إذا كان بالتقسيط فسيزيد ثمنه؛ لأن البائع لا يبيع شيئاً يُؤجل ثمنه مساوياً لشيء ثمنه منقود، وهذا من الأمور التي من محاسن الشريعة حله؛ لأن البائع ينتفع بزيادة الثمن والمشتري ينتفع بتأجيل الثمن عليه.

وأما إذا تم البيع على أنه نقد ثم جاء المشتري إلى البائع وقال: أجّله عَليّ بزيادة فإن هذا لا يجوز؛ لأنه من الربا.

مثل أن يبيع عليه هذه السيارة بعشرة آلاف مثلاً، ثم لا يجد المشتري هذه العشرة، فيرجع إلى البائع ويقول: لم أجد العشرة، ولكن أجّلها عليَّ باثني عشر ألفاً، فإن هذا لا يجوز؛ لأن المشتري ثبت في ذمته دراهم حاَّلة، فتأجيلها بزيادة عين الربا فيكون محرماً"اهـ. فتاوى نور على الدرب (16/ 2، بترقيم الشاملة آليا).

خامسا:

بعض شركات الحج والعمرة يجعلون شرطاً في عقد التقسيط: "يلزم العميل بالتصدق في حال تأخره عن الدفع، بدفع نسبة تحددها الإدارة من قيمة كل قسط يصرف في وجوه الخير".

وهذا الشرط باطل، ولا يبطل أصل العقد؛ لأنه ليس من صلب العقد وهو محرم، لأن الدائن متى  أخذ من المدين زيادة على الدين، فهذا ربا. بغض النظر عن الجهة التي يصرفها فيه. والغاية لا تبرر الوسيلة. وكما أن الربا محرم على الدائن فكذلك هو محرم على المدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فمن زاد، أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء).

ينظر: فتوى رقم (506391) ، (147777)، إجارة الموصوف في الذمة وتطبيقاتها المعاصرة (ص347-355).

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 51 (2/6): "إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق، أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم"اهـ.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android