0 / 0
23/رمضان/1446 الموافق 22/فبراير/2025

اذا مات الكفيل أو الضامن فهل يطالب ورثته؟

السؤال: 538256

أب قال للتجار أعطوا لولدي مالا ليعمل به، وأنا كفيل بدفع دينه إذا عجز، وبعد فترة مات الأب، وخسر الابن تجارته، وعجز عن دفع الدين، فهل تنتقل الكفالة للورثة ؟ أي لإخوة المكفول؟ أم هو فقط من يتحمل السداد، وتبرأ ذمته إخوته؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

إذا قال الأب للتجار أعطوا ابني المال وأنا كفيل بدينه إن عجز: فهذا ضمان للدين، ويسمى كفالة أيضا.

وبعض الفقهاء يخص الكفالة بكفالة الشخص، أي إحضار الشخص.

والأصل في الكفالة أنها مطلقة، وأن صاحب الدين له أن يطالب الكفيل أو المكفول له، دون شرط عجز الكفيل.

قال في "كشاف القناع" (3/ 364): "(ولصاحب الحق: مطالبة من شاء منهما) أي: من المضمون عنه والضامن. (لثبوته) أي: الحق (في ذمتيهما جميعا)، فلا يبرأ المضمون عنه بمجرد الضمان كما يبرأ المُحِيل، بل يثبت الحق في ذمتيهما جميعا، لصحة هبته لهما. ولأن الكفيل لو قال: تكفلت بالمطالبة دون أصل الدين: لم يصح، اتفاقا. ذكره في المبدع.

(و) لصاحب الحق أيضا (مطالبتهما) أي: المضمون عنه والضامن (معًا، في الحياة والموت. ولو كان المضمون عنه) مليئا (باذلا) للدين، لما تقدم. وقوله: صلى الله عليه وسلم : «الزعيم غارم» ." انتهى.

فإذا مات الضامن، فللدائن أن يطالب ورثته، كما أن له مطالبة المضمون، كما يعلم من النقل السابق: "(و) لصاحب الحق أيضا (مطالبتهما) أي: المضمون عنه والضامن (معا في الحياة والموت".

وقال في المصدر السابق في الكفالة (3/ 379): "لا يبرأ الكفيل بموته؛ (فيؤخذ من تركته ما كفل به)؛ يعني: حيث تعذر إحضار المكفول به، كما لو مات الضامن" انتهى.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (7/ 32): "موت الكفيل أو المكفول: لا تنفسخ به الكفالة، ولا يمنع مطالبة المكفول له بالدين، فإذا مات الكفيل، أو المكفول: يحل الدين المؤجل على الميت، عند الجمهور (الحنفية والمالكية، والشافعية)، وهو رواية عند الحنابلة، ويحصّل الدين من تركة المتوفى.

ولو ماتا: خُيِّر الطالب في أخذه من أي التركتين.

ولو مات المكفول له: يحل الورثة محله في المطالبة" انتهى بتصرف يسير.

ثانيا:

يجوز عند بعض الفقهاء ترتيب الكفالة، فيَشترط الكفيل ألا يطالَب إلا عند عجز أو امتناعِ المدين، كالذي حصل من الأب هنا؛ فإنه لم يضمن الابن مطلقا، إنما ضمنه عند العجز.

جاء في "المعايير الشرعية"، معيار الضمانات، ص 132: "للدائن حق مطالبة المدين أو الكفيل. وهو مخير في مطالبة أيهما شاء.

ويحق للكفيل اشتراط ترتيب الكفالة. مثل أن يطالب الدائنُ المدينَ أولاً. فإذا امتنع، يرجع على الكفيل" انتهى.

وجاء في تعليل ذلك: "الدليل لثبوت حق الدائن في مطالبة المدين أو الكفيل: أن الحق ثابت في ذممهما، فالدائن مخير في مطالبة أيهما شاء.

وأما مشروعية اشتراط ترتيب الرجوع في الكفالة: فهو مذهب المالكية في أحد القولين، وهو قول للحنفية، بأن المدين إن كان موسراً، فالمطالبة للكفيل لا محل لها، إلا إذا امتنع المدين، فيكون لاشتراط الترتيب أثره، ولا سيما أن فيه تمسكاً بالأصل" انتهى.

فعلى هذا القول: لا يُطالب الأب إلا عند عجز الابن.

وإذا مات الأب، لم يُطالب ورثتُه كذلك إلا عند عجز الابن.

وحيث إن الابن قد عجز عن أداء الدين، كما في السؤال؛ فللدائن مطالبة ورثة الأب ليحصل على المال من تركة الأب، كما له مطالبة الابن.

وإذا لم يكن للأب تركة: لم يلزم ورثته سداد دين الكفالة من مالهم الخاص؛ فلا يكون أمام الدائن إلا مطالبة الابن.

وذلك أن الورثة لا يلزمهم سداد دين المتوفى إلا من تركته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه، لكن يُقضى من تركته " انتهى من " منهاج السنة " (5/ 232).

وإذا كان الأب قد ترك مالا، وكان نصيب ابنه من التركة يكفي لسداد ما عليه من الديون، فالواجب على الابن أن يسددها من نصيبه. وليس من حق الدائنين في هذه الحالة الرجوع على التركة، لأن الابن ليس عاجزا عن سداد الدين .

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android