0 / 0

هل للإمام الراتب إقامة جماعة ثانية اثناء وجود جماعة أقيمت دون إذنه؟

السؤال: 538515

تقدم أحد وصلى قبل الإمام الراتب في المحراب، والإمام الراتب موجود وكره ذلك، لكن المخالف لم يستجب إليه وصلى، فهل للإمام الراتب إقامة جماعة أخرى أثناء صلاة هذه الجماعة المخالفة؟ أم ينتظر انتهاءهم من الصلاة ثم يقيم الصلاة ويصلي؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

لا يحق لأحد من الناس أن يؤم الناس مع وجود الإمام الراتب؛ لأنّه الأحق بالإمامة، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ) رواه مسلم (673).

قال النووي رحمه الله:

“(ولا يؤمنّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه) معناه : ما ذكره أصحابنا وغيرهم: أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد، أحق من غيره، وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل منه، وصاحب المكان أحق” انتهى من “شرح النووي على مسلم” (5/173).

وقال ابن قدامة رحمه الله:

“وإمام المسجد الراتب أولى من غيره؛ لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان، وقد روي عن ابن عمر أنه أتى أرضا له، وعندها مسجد يصلي فيه مولى لابن عمر،‌‌‌‌‌‌ فصلى معهم، فسألوه أن يصلي بهم، فأبى، وقال: صاحب المسجد أحق.

ولأنه داخل في قوله: (من زار قوما فلا يؤمهم)” انتهى من “المغني” (3/42).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” وقولهوإمام المسجد أحق أي: أنَّ إمامَ المسجدِ أحقُّ مِن غيرِه، حتى وإنْ وُجِدَ مَن هو أقرأُ، فلو أنَّ إمامَ المسجدِ كان قارئاً يقرأ القرآن على وَجْهٍ تحصُلُ به براءةُ الذِّمَّةِ، وحضرَ رَجُلٌ عالمٌ قارئٌ فقيه، فالأَولى إمامُ المسجدِ؛ لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم (لا يُؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه) ، وإمامُ المسجدِ في مسجدِه سُلطانٌ فيه، ولهذا لا تُقامُ الصَّلاةُ إلا بحضورِه وإذنِهِ، حتى إنَّ بعضَ العلماءِ قال: لو أنَّ شخصاً أمَّ في مسجدٍ بدون إذنِ إمامِهِ فالصلاةُ باطلةٌ.

ولأننا لو قلنا: إنَّ الأقرأَ أَولى، حتى ولو كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ: لحصَلَ بذلك فوضى، وكان لهذا المسجدِ في كلِّ صلاةٍ إمامٌ” انتهى من “الشرح الممتع” (4/211).

ثانياً:

نص أهل العلم على أنّه يحرم التقدم والافتيات على الإمام الراتب، إلا لسبب صحيح، كتأخره تأخرا يشق عليهم معه الانتظار، ونحو ذلك.

قال البرهان ابن مفلح رحمه الله:

“ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه. قال أحمد: ليس لهم ذلك، وصرح في ” الكافي “، والمستوعب، و” المحرر “، و” الفروع ” بأنها تحرم؛ لأنه بمنزلة صاحب البيت، وهو أحق بها؛ لقوله – عليه السلام -: «لا يؤمن الرجلُ الرجلَ في بيته إلا بإذنه»؛ ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه، وتبطل فائدة اختصاصه بالتقدم…

وحيث قلنا بأنه يحرم؛ فظاهره: أنها لا تصح، وفي ” الرعاية ” تصح مع الكراهة..، إلا أن يتأخر لعذر «لصلاة أبي بكر بالناس حين غاب النبي – صلى الله عليه وسلم – في بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم». متفق عليه، «وفعل ذلك عبد الرحمن بن عوف مرة فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: أحسنتم» . رواه مسلم.

وفي ” الكافي “: يجوز مع غيبة الإمام الراتب.

والأشهر: لا، إلا مع تأخره وضيق الوقت. (فإن لم يعلم عذره انتظر وروسل) لأن الائتمام به سنة وفضيلة؛ فلا يترك مع الإمكان، ولما فيه من الافتيات بنصب غيره.

وقيده في ” الفروع ” تبعا لغيره بما إذا كان قريبا، ولم يحصل به مشقة” انتهى من “المبدع في شرح المقنع” (2/52).

ثالثاً:

الصلاة التي أقامها الشخص الذي تقدم للصلاة مع وجود الإمام الراتب وعدم إذنه، إما باطلة، أو مكروهة، على الخلاف بين أهل العلم.

وقد سبق بيانه بأدلته بما يغني عن الإعادة في الفتوى: (206018)

ولا يجوز لمن حضر المسجد وهو يعلم الحال أن يصلي معه.

والأحسن: أنّ الإمام الراتب لا يقيم صلاة حال قيام تلك الصلاة لما يحصل فيه من تشويش وجهر بعضهم على بعض. ولكن ينتظر حتى تتم هذه الجماعة، ويقيم الصلاة بجماعة المسجد، ويخبرهم بأن ما فعلوه لا يصح.

قال الحطاب المالكي رحمه الله:

“فأما حضور جماعتين أو أكثر في مسجد واحد ثم تقام الصلاة، فيتقدم الإمام الراتب فيصلي، وأولئك عكوف، من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك، تاركون لإقامة الصلاة مع الإمام الراتب…، أو تحضر الصلاة الواحدة، كالمغرب فيقيم كل إمام الصلاة جهرا يسمعها الكافة، ووجوههم مترائية، والمقتدون بهم مختلطون في الصفوف، ويسمع كل واحد من الأئمة قراءة الآخرين، ويركعون ويسجدون، فيكون أحدهم في الركوع والآخر في الرفع منه والآخر في السجود=

فالأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز، وأقل أحوالها أن تكون مكروهة” انتهى من “مواهب الجليل” (2/109).

لكن إن كان المسجد متسعا، والجماعة المفتئة على جماعة الإمام في ناحية منه، وأمكن الإمام الراتب أن يقيم الجماعة بمن معه، من غير أن تتشوش عليه، أو على من يأتم به صلاتهم: فلا حرج عليه في أن يقيم الجماعة الراتبة، ولو مع قيام الجماعة الأولى. وإنما الحرج على المفتئت، ومن معه، ممن يعلم حاله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android