انتشر مؤخرا عند النساء ارتداء إسدال، وهو مثل الجلباب ولكن ليس ملتصقا بالذراعين، لبس ساتر، ولكنه انتشر إسدال طبقات، فهل هذه الطبقات تعتبر زينة؟ وبالنسبة للخمار أو الحجاب الذي يغطي الرأس والكتفين، هل يجوز ارتداء خمار قماشه فولار، الذي يعتبر شفافا نوعا ما؟ وهل يجب على المرأة تغطية وجهها أم هو مستحب؟
أولا:
يشترط للباس المرأة التي تظهر بها أمام الرجال الأجانب أن يكون واسعا فضفاضا، لا يصف ولا يشف ولا يظهر حجم أعضائها، وليس زينة في نفسه يلفت نظر الرجال إليها؛ لأن الثياب إنما هي لستر الزينة ومنع الفتنة، لا لتكون فيها نفسها زينة وفتنة.
والزينة نوعان:
1-زينة ظاهرة، وهي الثياب المعتادة، ولا مفر من لبسها، وهي التي قال الله فيها: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/31
روى الطبري عن ابن مسعود، قال: الزينة زينتان: فالظاهرة منها الثياب، وما خفي: الخَلْخَالان والقرطان والسواران.
وبنحوه قال: إبراهيم النخعي، والحسن البصري. وينظر: "تفسير الطبري" (19/ 155).
2-زينة باطنة، وهي التي قال الله فيها: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31
فلا تظهر لهؤلاء إلا ما يظهر غالبا، كالوجه والرأس والذراعين والقدمين، وتستر ذلك عن الرجال الأجانب.
وبالاطلاع على حجاب الطبقات، نقول فيه:
إن غيره أفضل منه مطلقا، مما لا يكون فيه زينة مقصودة، ولا تكلف فيه؛ إنما هو للستر، والحجاب.
لكن إن كان ذلك في بلاد تعتاد المسلمات لبس هذا النوع من الحجاب فيه، ولم يكن فيه شيء من شهرة، ولا فيه داعيةٌ للفت الأنظار، والانتباه إلى تحسينه، وتزيينه: فالذي يظهر أنه لا بأس به، إن شاء الله.
ولو تركته، ولبست الغالب من لبس المحجبات، وما كان عليه الأمر الأول: فهو أحسن، وأولى.
ثانيا:
يشترط في خمار المرأة أن يستر النحر والصدر، كما قال تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/31
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (6/ 46): " والخمر: جمع خمار، وهو ما يخمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع.
قال سعيد بن جبير: {وليضربن}: وليشددن {بخمرهن على جيوبهن} يعني: على النحر والصدر، فلا يرى منه شيء" انتهى.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
فالواجب أن تشد المرأة خمارها من على رأسها حتى يغطي نحرها وصدرها.
وما كان دون ذلك أي يغطي الرأس فقط، فإنه يؤدي إلى بروز حجم المرأة وظهور صدرها وكتفيها عند الحركة، وهذا لا يكفي للستر؛ لما روى أحمد (21786) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/ 441)، والبيهقي عن أُسَامَةَ بن زيد، قَالَ: كَسَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبْطِيَّةً كَثِيفَةً كَانَتْ مِمَّا أَهْدَاهَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقبْطِيَّةَ؟ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا) وحسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص 131).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (264571)، ورقم: (277826).
ثالثا:
يشترط في لباس المرأة أمام الأجانب ألا يكون شفافا؛ لأن الشفاف لا يحصل به الستر، وهو زينة في نفسه.
ويجب أن تعلم المرأة أن ثيابها لستر الزينة كما تقدم، فلتقطع الطمع في جعل ثيابها زينة، بألوانها، أو برقة قماشها وحسنه.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (113425).
رابعا:
الواجب على المرأة ستر جميع بدنها عن الرجال الأجانب، بما في ذلك ستر وجهها ويديها في أصح قولي العلماء، كما بينا في جواب السؤال رقم: (11774)، ورقم: (263354)، وبينا أن هذا قول جماهير الفقهاء.
والله أعلم.