أعمل في موقع على الإنترنت لتحسين جودة البضائع أو السلع في التطبيقات كأمازون أو علي بابا، ورفع تقييمها لتظهر للناس، والسلع كلها أمور عادية واستهلاكية، ولا يوجد بها شيء محرم، أنجز في اليوم 25 مهمة، بأن أشتري السلعة، وأربح عليها دولارات، أشحن كل يوم، على سبيل المثال في حسابي 30 دولار من الأرباح في الموقع التي حصلت عليها أثناء إنجازي للمهمات، أو من رأس المال الذي ستعرفون مصدره في الملاحظة نهاية السؤال، وأشتري بهذا المال عبر مهمات السلع ليرتفع تقييمها في التطبيقات التي قلت عنها بداية السؤال، حتى تظهر للناس، ويشاهدونها، وعندما أنجز المهمات أربح 50 دولارا مثلا، ويبقى رأس المال لي مقابل إنجازي للمهمات.
وملاحظة: ال 30 دولار في بداية عملي على الموقع لم تكن مني، بل من موظف محسن جودة مثلي تماما في الموقع بعثها لي من دون مقابل، فهل يوجد به شيء هذا العمل؟
أولا:
شراء السلع لرفع تقييمها وظهورها أمام الناس، إن كان مع رد السلعة، واسترجاع الثمن مع ربح، فهو عمل محرم، قائم على الغش والخداع، فهو شراء صوري ليظهر أمام الناس أن السلعة عليها إقبال وفيها رغبة.
وهذا العمل داخل في معنى النجش المحرم؛ فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَا يَبْتَاعُ الْمَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ ) روه البخاري (2160)، ومسلم (1520) واللفظ للبخاري.
قال الإمام محيي السنة البغوي، رحمه الله: ” وقوله في حديث أبي هريرة: «ولا تناجشوا»، فالنجش: هو أن يرى الرجل السلعة تباع، فيزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها بل يريد بذلك ترغيب السوام فيها، ليزيدوا في ثمنها.
والتناجش: أن يفعل هذا بصاحبه على أن يكافئه صاحبه بمثله إن هو باع.
ولا يخفى ما في هذا العمل من الغش والخداع، وهما عملان محرمان، وقد روى مسلم (102) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي).
وقال صلى الله عليه وسلم: (المكر والخديعة في النار) رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع".
وهذه إحدى الطرق الرديئة المستعملة الآن في الترويج للسلع.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (533401).
فالواجب عليك التوقف عن ذلك، مع التوبة إلى الله تعالى.
ثانيا:
أما المال الذي كسبته مع الجهل بالتحريم: فلا حرج عليك في الانتفاع به؛ لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) البقرة/ آية 275.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو: ما قبضه بتأويل أو جهل، فهنا له ما سلف، بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار" انتهى من "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/ 592).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19).
ثالثاً:
إذا كنت تشارك بمال للدخول في هذا التسويق، فهذا وجه آخر للتحريم؛ لأن ذلك قمار وميسر، فهو مال مبذول، على احتمال العمل، وتحصيل أكثر منه.
وكون المال جاءك من موظف محسّن للجودة مثلك، لا يعني أنه ليس مالك، بل هو هبة منه، فيصير ملكا لك.
فعلى فرض أنك تشتري السلعة شراء حقيقيا، أي لا تردها للموقع بعد شرائها، فإن دفعك المال للمشاركة في التسويق: محرم.
والظاهر من سؤالك أن المعاملة فيها تسويق شبكي ينبني عليه هبة موظف محسن الجودة.
وحسبك في تحريم هذه المعاملة ما قدمنا من وجود الغش المحرم الذي تسميه تحسين الجودة، ودفع المال للمشاركة في التسويق.
والله أعلم.