وجدت في إحدى فتاويكم عبارة: “ما لم تدل القرينة على رضاه بما فيه من الكفر أو قبوله له” رقم السؤال: (192671)، فما يعني الرضا بالكفر والقبول له؟ وكيف أعرف صحة إيماني، وإني لست راضياً بالكفر أو قابلاً له؟
ما ضابط الرضا بالكفر الذي يكون كفرا؟
السؤال: 540943
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الرضى بالكفر: يعني قبوله واختياره، وعدم إنكاره، وانشراح الصدر به.
قال الله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين * أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون * لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون} النحل/106-109.
قال الحافظ ابن كثير، رحمه الله: " أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به: أنه قد غضب عليه، لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه، وأن لهم عذابا عظيما في الدار الآخرة؛ لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق، فطبع على قلوبهم فلا يعقلون بها شيئا ينفعهم وختم على سمعهم وأبصارهم فلا ينتفعون بها، ولا أغنت عنهم شيئا، فهم غافلون عما يراد بهم.
{لا جرم} أي: لا بد ولا عجب أن من هذه صفته، {أنهم في الآخرة هم الخاسرون} أي: الذين خسروا أنفسهم وأهاليهم يوم القيامة.
وأما قوله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرها لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله". انتهى، من "تفسير ابن كثير" (4/605).
وعلى ذلك؛ فمن شاهد الكفر كالسجود لصنم، فاستحسن ذلك، وقبله، ولم ينكره بقلبه: فقد رضي به.
ومن أمثلة الرضى بالكفر: أن يشير على كافر أن يبقى على كفره ولا يُسْلِم، أو أن يجلس في مجلس يُسمع فيه الكفر، فلا ينكره، ولو بقلبه.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في "الإعلام بقواطع الإسلام" ص 31 : " ومن المكفرات أيضا: أن يرضى بالكفر، ولو ضمنا، كأن يسأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة الإسلام، فلم يفعل، أو يقول له: اصبر حتى أفرغ من شغلي، أو خطبتي لو كان خطيبا، وكأن يشير عليه بأن لا يسلم، وإن لم يكن طالبا للإسلام فيما يظهر " انتهى.
ثانيا:
الأصل أن المؤمن يكره الكفر، ولا يقبله ولا يقره، فلا ينبغي أن تدخل إليك الوسوسة من هذا الباب؛ فإن من ثبت إسلامه بيقين، لم يخرج عنه بمجرد الشك والوسوسة.
فما دمت مؤمنة بالله ورسوله، محبة لدينك، فإنك لو سمعت شيئا من الكفر كسب الله، أو رأيت شيئا من الكفر كالسجود للصنم، كرهت ذلك، وهذا معنى أنك غير راضية بالكفر، وأما من قبل ذلك ولم ينكره بقلبه فهو راض به.
وينظر جواب السؤال رقم: (288044).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة