0 / 0
13/01/2025

هل ضعف النظر يدخلُ في حديث (إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه …)؟

السؤال: 541440

هل ضعف النظرِ يدخل في ابتلاء الأعين الذي يعنيه هذا الحديث: (إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة، يريد عينيه)؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى البخاري (5653) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ). قال الراوي: يريد عينيه.

والابتلاء هنا هو بفقد البصر وسلبه، كما هو ظاهر الروايات، وقيل بضعف الانتفاع به.

وقد روى أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ أَذْهَبْتُ كَرِيمَتَيْهِ، ثُمَّ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ، كَانَ ثَوَابُهُ الْجَنَّةَ) وإسناده قوي كما قال شعيب الأرنؤوط في "تحقيق المسند".

ويأتي: (إذا سلبت كريمتيه)، و (إذا أخذت).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " والمراد بالحبيبتين: المحبوبتان؛ لأنهما أحب أعضاء الإنسان إليه لما يحصل له بفقدهما، من الأسف على فوات رؤية ما يريد رؤيته، من خير فيسر به، أو شر فيجتنبه.

قوله: (فصبر): زاد الترمذي في روايته عن أنس: (واحتسب)، وكذا لابن حبان والترمذي من حديث أبي هريرة، ولابن حبان من حديث ابن عباس أيضا.

والمراد: أنه يصبر، مستحضرا ما وعد الله به الصابر من الثواب، لا أن يصبر مجردا عن ذلك؛ لأن الأعمال بالنيات.

وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه، بل إما لدفع مكروه، أو لكفارة ذنوب، أو لرفع منزلة، فإذا تلقى ذلك بالرضا، تم له المراد، وإلا، يصير كما جاء في حديث سلمان: "أن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا، وأن مرض الفاجر: كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلا يدري لم عُقل، ولم أرسل" أخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفا.

قوله: (عوضته منهما الجنة): وهذا أعظم العوض؛ لأن الالتذاذ بالبصر يفنى بفناء الدنيا، والالتذاذ بالجنة باق ببقائها، وهو شامل لكل من وقع له ذلك، بالشرط المذكور.

ووقع في حديث أبي أمامة فيه قيد آخر، أخرجه البخاري في الأدب المفرد بلفظ: (إذا أخذت كريمتيك، فصبرت عند الصدمة، واحتسبت): فأشار إلى أن الصبر النافع هو ما يكون في أول وقوع البلاء، فيفوض، ويسلم. وإلا؛ فمتى تضجر وتقلق في أول وهلة، ثم يئس، فصبر: لا يكون حصَّل المقصود، وقد مضى حديث أنس في الجنائز: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).

وقد وقع في حديث العرباض فيما صححه ابن حبان فيه شرط آخر، ولفظه: (إذا سلبت من عبدي كريمتيه، وهو بهما ضنين: لم أرض له ثوابا دون الجنة؛ إذا هو حمدني عليهما) ولم أر هذه الزيادة في غير هذه الطريق.

وإذا كان ثواب من وقع له ذلك الجنة، فالذي له أعمال صالحة أخرى يزاد في رفع الدرجات" انتهى من "فتح الباري" (10/ 116).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " في هذا الحديث أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالي أنه قال: (إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه) يعني عينيه، فيعمى، ثم صبر، إلا عوضه الله بهما الجنة؛ لأن العين محبوبة للإنسان، فإذا أخذهما الله سبحانه وتعالي وصبر الإنسان واحتسب، فإن الله يعوضه بهما الجنة" انتهى من "شرح رياض الصالحين" (1/ 234).

ورواية ابن حبان (إذا سلبتُ) حسنها شعيب الأرنؤوط في تحقيق ابن حبان (2931)، وظاهرها، وظاهر قوله: "أخذت" و "أذهبت" أن المراد فقد البصر، لا ضعفه.

ومن أهل العلم من فسر الحديث بضعف البصر.

قال الصنعاني رحمه الله: " والمراد سلبت ضوءهما، أو قلة الانتفاع به" انتهى من "التنوير شرح الجامع الصغير" (8/15).

والأظهر هو الأول. لكن ذلك لا يمنع أن يكون من ضعف بصره، وفقد شيئا من فائدته وانتفاعه به: أن يكون له من الأجر بقدر ما فاته من خير ذلك، فاحتسبه عند الله. وفضل الله واسع.

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android